الصفحة الأولى | مقدمة (١)

711 16 10
                                    

إهداء :
لمن توقفت عن الحُب
ولم تتوقف عن القراءة.

مقدمة:
اليدان اللتان ستمسكانِ بهذا الكتاب من بعدي حتمًا ستأخذهُ إلى المحرقة، أو إلى مكبِ النفايات .. يطلب مني الجميعُ أن أكونَ أكثر تفاؤلاً والحقيقة أنني رغم شؤمي لم أكُن يومًا "متشائمة"، إنما هو مصيري .. كفَّا القدر، عجلتا الحياة الأضعف من أن تتماسكا عند أولِ منعطف في الطريقِ الوعرة.

أكتُب كلماتي هذهِ بإرتعاشة، كيف يهوي المرءُ إلى قعرِ الأسى والقنوط بهذهِ السرعة ؟ كيف يحدثُ الحزن بتلقائيةٍ لامُتكلفة ولا يحدثُ الفرح وإن أمضينا دهرًا للتخطيط له ؟ 

أودُ كثيرًا أن أُصنِفَني، ان تشملَنِي فئة ما فأغرِس بأرضها جذور انتمائي وأعود إليها ذاتَ تيهِ لأجِد فيها حقيقتي. لكنني أؤمن بأنني أدفعُ بعيدًا كلما أردتُه بشدة، وأنَ علاقةً طردية تربطُ مابين شدةِ رغبتي واستحالةِ تحقيقها، لخمسةٍ وعشرون عاماً أردت أن أكون جزءًا من شيء، أن اسايِرَ القطيع .. أن يبتعلني التيار، ولم يزدني ذلكِ إلا انشقاقًا، كلما اردتُ أن أُفقدَ بينَ ظلماتِ الحشود أزدادُ توهجًا لم أرِد شيئًا بقدر ما اردت أن انتمي.

لطالما قِيل لي أننِي مُميزة بظنٍ القائل أنها مِن الثناء، لكنها لعنتِي ان اجولَ سنيني أبحثُ عن جزءٍ مني في كل شيء.
أشعر أن روحي بعد أن خُلقت نُثِرت إلى مئات الأجزاء ليُكتَب علي أن امضي حقبا أجمعُ اشطارِي من على صفحةِ كتابٍ، فرعِ شجرة، حلوى طفلٍ،  بقايا حريق، وتر عودٍ أو بين اصبعيّ مُدخن !

أُشبهِ كل شيءٍ ولا شيء، أُحجيةٍ يعجز الجميعُ عن حلها .. معادلة كثيرةِ المتغرات، أبجدية جديدة، قصيدةَ المئةِ بيت وكلَّ بيوتِها مُحطمة.

لم يُطِق رحم أمي أن يحملني لتسعَة أشهر، لَفَظني في الاسبوع الـ ٣٠ ومنذِ ذلِك الحينِ وأنا أشعرُ أنني أعظم من أن أطاق .. لاتطيقُنِي الأرضُ ولاتتوقُ لِي السماء ولا يستطيع أحدُهم أن يمارِسَ طبيعتَهُ السويةَ معي .. أُفسِدُ كلَّ ما تقعُ علِيه كفي، تنهَدُّ الأرض من تحتِي وتَخِرُ السماءُ من فوقِي وتموتُ عِندَ قدميَّ نباتاتُ الطريق.

أعلمُ أننِي غاوية .. كالخطيئة، أدفَعُ الناسَ لإرتكابي، لكننِي في حقيقة الأمر لستُ الا اثم ! ذنب يستوجب عاقبةً أخلاقية، معصية تتطلبُ القصاص، دينٌ إلا أن يحينَ سدادُه.

مابين طيَّاتِ هذا الكتاب غيضٌ من فيض، خلاصَةٌ مركزةٌ من الأسى والجنونِ والظلام، "دبل شوت" من اللاعقلانية .. هنا عشريتان ونصف مما باتَ وراءَ الجُدر، خلفَ حجراتِ فؤادِي وتحتَ طبقاتِ جلدي الغليظة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 23, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

من وراء جُدُرْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن