بِداية.

962 56 32
                                    

تَركضُ هاربةً محاوِلةً التَخفيّ مِن أعيُّنهم. فِكرة خروجِها كَانت شِبه مُستحيلة، وخِططها الإستراتيجية ضعيفة؛ فَهي تهربُ فِي وَضّح النهّار!

تَشّد ثَوبها الحَريري المَطّلي بِاللون الوَردي، المُزكرش بطُرقٍ خاطفةٍ للأنفاسِ، تَنظرُ خَلفها مِن حينٍ لأخر حَتى وقعت فَجأة تَصتدم بأحدى البِدلات الرِجالية!

رَفعت عَيّنيها لتُقابل زَوجًا مِن العيون الزُمردية الحَائرة، تتساءل عَما يَحدث فِي ذاك المَنزل مِن عبثٍ تام. بَينما عيّناها كانت تصرخ بالحرية، تُنَاديه بِالنجدة لَكنها وببساطة قَررت أن تَقف مُجددًا تَتأهبُ لِلعَدو، بأي حَال لا جَدوى مِن الحَديث!

«تشارلت اُوڤركيل، تَوقفي مكانك فورًا! »صَاحَ صوتًا أنثاويًا، جَعل تَجحظ عيناها رُعبّا لِلمصير المُحتم، فَأخذتْ تَركض بِأقصى سرعة لَديها، مُطمئنة نفسها أن طَريقها لِلُحرية سَيبدأ بِعبور ذَلك السِياج الشاهق.

كُل أحلامها الجَامحة، كُل أحلامها الحُرة قَد تَحطمت، وكَالعَادة عِندما أمسكتها أحد الوَصيفات قَبل تَخطيها جُزءًا مِن الحَديقة هَائلة الحَجم.

لعنتْ حَظها مَلايين المَرات، تُعيد نَظرها لِلقابع خَلفها بنظراتٍ مَذهولة، رُبما مُشوشة لِمَا رأهُ، بَينَمَا وُجِهت لَها آخرى مَلّت وَكَلَّت مِن مُلاحقتها يَوميًا.

«قَد طَفحَ الكَيلُ مِنكِ! سَتتلقينَ تَعليمك هُنا، فِي المنزل، مَع السَيد ستايلز.» تَحدثت الوَاقفة بِوقارٍ تُحَاولُ كَبحَ غَضَبِها بكُل الطرقِ، فَنظرت المدعوة بـ 'تشارلت' لِلسَيد ستايلز كَما زَعموا ونَادوه بإزدراء قائلة :«لنْ تُقمعيني أو تُشكليني كَما هي أهواكِ، أُمَاه!» تَهكمت تُلقي النَظرات السَاخطة والمُزدرية لستايلز قَبل أن  تَدخل مَنزلها تَحتَ تَرَصُّده الصَامت.

«آسفة سيد ستـ..» لَم تَكد السَيدة تُنهي جُلمتها حَتى قَاطعها بِلباقةٍ وتَهذيب.

«لا عليكِ سَيدتي! حَالاتٍ مِثل هذه تَحدثُ، وأنا هُنا خَيرُ عِلاجٍ لِحالتها.» غَمغمَ واثقًا، أمَّا عَن السَيدة فتَبسمت بِرضًا وهِي تَقوده لِغُرفة الإستقبال حَيثُ يُمكنها ضِيافته.

هو لا يَعلم مَا ينتظره خلف جُدران هذا القصر، كُل لُغز عليه حَلُّه وكُل أُحجية عليه فَكاها.
هو لا يعلم أن مَا تَعلمه وما درَّسه في حياته سيحتاج أضعاف أضعافه ليؤهلها مِن جديد.

لا يَعلم قد التمرد الذي تَحمله، لا يعَلم طباعها الحَادة وأساليبها الغَوغائية العِدائية، هو فقط لا يَعلم!

-

★تَم تَغير اسم القِصة مِن governess إلـى The golden ring أو الطاولة الذَهبية مَع تَغيير بَعض الأحداث..

★الغُلاف بواسطة الرائعة رَهف

الدَائرة الذَهبية |هـ.سـحيث تعيش القصص. اكتشف الآن