٢| مُعنزِل.

1.1K 109 351
                                    



سنةٌ دراسية جديدَة، مرّ أُسبوعٌ بالفعل، ولحسنِ الحظ لم يعترض أحدهم طريقي رغبةً في صداقتِي..

حسنًا، على من أكذب؟ طلبوا ذلك بالفعلِ لكني رفضتُ وبترتُ كُل آمالِهم قبلَ بلُوغ غايتِهم بالكلَامِ حتّى.

-لمَ أنتِ لوحدِك؟
-لأني أُريد ذلك.

-أتريدين المجيءَ معنَا؟
-لا شكرً، علي الذهاب.

-إنضمي لنَا إن أردَتِ.
-أُفضل العملَ لوحدِي.

-ماذا تفعَلين وحدكِ كل الوقت؟
-أشياءٌ تخُصُّني.

تلكَ كانت ردودِي. صراحةً؛ لا نيّة لدي برميِ نفسي في علاقاتٍ كتِلك، لا وقتَ لدَي لمُشاركتهم الحدِيث، بل لا رغبةَ لي بمُجاراتِهم أساسًا!

كُل ما يدورُ حولي عبارةٌ عن أحاديثَ سطحيّة، حول الأكل والملابس والموضة وغيرِها، علاقاتٌ سطحيّة، نظراتٌ سطحيّة... أجواءٌ خانقة. لم أرَ بعد من له شخصيَّةٌ بأفكارٍ تناسبُ خاصَّتي.

لكن ذاك يروقني، فلا نيّة لدي بمصادقَةِ أحَد، ولا بالتحدُث مع أحد، يكفيني سوءُ مزاجِي طوالَ الوقتِ فقط لأني بينَ كومةٍ من البشَر! لديّ صديقتين مقرَّبتين.. وعلاقتُنا إلكترونيّة، بينما واقعيًا؟ حسنًا، لا أصدقاءَ لدي، وأنا أشكرُ الإله عليهما ومكتفيّةٌ بهذين الاثنتين، فلا داعي للمزيد!

الساعةُ الآن تشيرُ للعاشرَة صباحًا، وهذهِ ثالثُ حصّةٍ بالفِعل... دخلتُ فصلَ حصة الرياضيات بهدوءٍ كعادتِي أدُس يدايَ بجيُوب معطفي، ولو لم يكُن الخروج وقتَ الراحةِ اجباريًا لمَا تحركتُ قيد أنملة من مكاني!

توجهت نحو مقعدي المُعتاد؛ الطاولَة الأخيرَة بجانبِ النافِذة، لوهلةٍ سمعتُ كلامًا نخرَ مسامعِي لكثرَة صخَبِه، فعقدتُ حاجباي ناقلةً نظرِي إليهِم.

أوه... تلك الفتاة؟

كانت طالبةً هادئةً على الأغلب، بعد أن جلسَت على الطاولة الأخيرَة بالصف الأوسَط، أتاها أحدُ الفتيَة مع صديقِه... كلاهُما من النوع المتعالي والساخِر.
طالبُوها بالنهُوض بحجّة أن المكانَ مكانهُم، رغم أنها أتت قبلهُم!

مع ذلكَ حملت حقيبتها ونهضت مطأطئةً رأسها، كادَ ذاك الفتَى أن يجلسَ إلا أني وضعتُ حقيبتِي بمكانِ من قامَ توًا... عجبًا، لستُ مهتمًا لمَا يحدثُ حولي ولو وقعَ أحدهُم يتلفّضُ أنفاسهُ الأخِيرة، لستُ ذاك الشخص الذي يتدخّلُ بشؤون غيره، لكنّي فعلتُ هُنا ولسببٍ واحِد؛ أكرهُ الظُلم! بالأخص إن كان تجاهَ شخصٍ بريءٍ كهذه! تبًّا.

العَقلُ المُدبر. | 𝐈𝐍𝐓𝐉حيث تعيش القصص. اكتشف الآن