من مذكرة شهيد

13 0 0
                                    

تعالى صوت القرآن، و الحزن عمَّ المكان
تبكي الأم و البنت و الزوجة و كلُ منْ بذاك المكانْ
كان يا مكان !
يصمتون جميعا،يخشع القلب لتلك التلاوات التي غطّى معظمها المُغمدين بتلك الأكفان،تأتي جماعةٌ بعلمِ الوطن،يُغطون به صناديق الشهداء،ليس شهيد أو اثنان بل مئتان ،منهم من ترك أما وعدها بالبقاء و حلمها كان أن يدفنها هو ،فهل اخْتلَّت كفَّتا الميزانْ ؟ أصبحت هي اليتيمة من بعده، فالابن للأم أم و أب و في الدنيا جنَّتانْ،رحل اليوم،ذاك الحبيب الذي قبَّل جبين زوجته قبل أسابيعَ من الآنْ.
كان يا مكان !
العمرْ !!! مجرد رقمْ فلو كانت الموتُ تزور الكبارَ فقطْ
لما زارت الصغار و الرُضَع و حتى الأَجِنَّة .
                  "لي حبُّوا ربي دَاهْ لعندو"
الشهيد،حي لا يموت ،حي في قلوبنا، في ذكرياتنا، حي عند ربهْ، أمّه و عائلتهْ.
  في ذلك اليوم،نامت زوجته ممسكة قميصه الملطخ بالدماء،تمينتُ دوما الوصول لهاته الدرجة من الوفاء، رحل عنها ربُ بيتها لربِ السماء،هي تصبرُ قلَّ ما تبكي ، قيل حلُ المصائب الرضى بالقضاءْ، يأتيها ابنها يسأل عن أبيه، تقول دمه و روحه لوطننا فداء ،أبوك فخرك يا ابني ،أبوك حي رغما عنك و عنّي،الوطن وطننا كلنا و أنا أبوك وطني،رحيله لن يُنسينا إياه فذكراه في كل مكان،دمه سقى الأرض فأزهرت
حين استشهد بكت السماءْ،لم تبكِ السماء حزنا بل بللت دماءه برحمة ربه،بكت فرحا،فقد نال من المراتب أسماها،الدنيا فداء له بأرضها و سماها.
  يعلو صوت القرآن ثانية بعد أن أخفضوه ليقوموا بالدعاءْ
"الموت هكذا ،أمنية " هكذا كتب أحد الشهداء
"أن أموت قبل أمي،أن أموت من أجل أمي،تبكي المدينة،تبكي الأرجاء،لكن لا قوّةَ فوق قوةِ السماء،أحلم دوما أت تكونَ دمائي لوطني فداءْ،
شهــيد ! نعم ،سامحوني،لو جاء يومٌ تحققت فيه أمنيتي،و لا تقلقوا فبعدَ الوداعِ عند ربنا اللِّقاء،لا تبكي يا أمي فالوطن الأم تُناديني ،أظنّه وقت الفراق،ربيتني رجلا أُلبِّي كلَ نداءْ.
سامحيني زوجتي،الحياة شيء من هذا القبيل و ليس هناك تفسيرٌ لبعض الأشياء،وَلَدِي ذكرى مني،ليس يتيما فَلَهُ أمٌ تساوي كلَّ الآباء .
أرضي،رحبي بي فأنا آتٍ إليك،ضُمِّيني و أنا مخضّبٌ بتلك الدماء،طالما حلمت بلقياكِ،ف ها قد جاء يوم اللقاء و ما بعد اللقاء فرحةٌ ليس العزاءْ.
اكتبوا عبى قبري ،مات من أجل أمه،لا ضرورة لتخليد اسمي،فقد خلّدته السماء،اسمي مكتوب في التاريخ و تشهدُ على ذلك الدماءْ، اكتبوا على قبري،مات وفيّا بزمنٍ مات فيه الوفاء.
                                    دمت سالما وطني

     "من مذكرة شهيد"
31.03.20

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 31, 2020 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

في قلوبنا حيٌ لا يموت Where stories live. Discover now