حلمي المُحَقّق

46 1 1
                                    

مكان مظلم.

      فتحتُ عينيّ لأجد الظلام الدامس من حولي فتسلّل الرعب إلى أعماق قلبي... حاولتُ التحرك دون فائدة فقد كانت يداي مربوطتان بشدة خلف ظهري.... أحسستُ بالشريط اللاصق الذي على فمي وهو يحتك ببشرتي كلما حركتُ شفتاي.... صرختُ بألم حين مددتُ قدميّ لتصطدم بقوة على الباب الحديدي الذي أمامي في تلك الغرفة الضيقة التي لا تتسع لسواي.... تنهدتُ بعمق وأنا أفكر.....
"متى سيخرجني من هذه الغرفة المقيتة"
عدتُ لأسترخي وأضع رأسي على الجدار البارد من خلفي دون الشعور بأي راحة أو إطمئنان وتمنيتُ لو أنّ هنالك شعاع بسيط من الضوء ليبعد عني خوفي الشديد من هذا الظلام المرعب..... تسمّرتُ في مكاني حين سمعتُ خطواتٍ خفيفة قادمة نحو الغرفة وبصيص شعاع أصفر يتغلغل من فتحة الباب فعلمتُ فوراً بأنّ "حسّان الصغير" أشعل شمعة لأجلي أمام الباب كما فعل بالأمس حين تسلّل ليقدم لي الطعام ويعرفني عن نفسه....

الخروج من الغرفة.

      أنكمشتُ على نفسي برعب بعد أن سمعتُ المفتاح وهو يدور في قفل باب الغرفة ويتم فتحه بعنف من قِبل شخص ضخم لتدخل فتاة جميلة ذات شعر أسود طويل وناعم كالحرير وهي تضع يديها حول خصرها النحيل بغطرسة ويدخل من بعدها ذلك الفتى الجميل الذي يدعى "حسّان" فأغمضتُ عينيّ بألم حين واجهتُ شعاع الشمس القوي وهي تدخل من نافذة الغرفة الصغيرة التي فتحها الفتى...
    شعرتُ بألم شديد حين أمسك بي من ذراعي وساعدني على الوقوف وهو يحّل وثاق يديّ برقة والفتاة التي عرّفت نفسها ب "تينا" قالت لي بصوت ناعم يشوبه الحزن وهي تنزع الشريط اللاصق عن فمي ببطئ....  "لابد وأنكِ متعبة وجائعة"
     نظرتُ إليها بتمعّن لأتبيّن الحزن الذي بدى جليّ في عينيها بنظري وأردتُ لسبب لا أعلمه أن أعرف السبب وراء هذا الحزن العميق.... إرتبكت عندما سألتها إن كانت بخير ومشت أمامي وهي تقول... "عليكِ القدوم معي قبل أن تلتقي بسيدي "إدوارد" سأعطيكِ بعض الطعام وسأسمح لكِ بإستخدام حمامي لتستحمي وتستريحي قليلاً"
     فركتُ معصميّ المتألمين بأصابعي وأنا ألحقُ بها دون علم لي بالمكان الذي ستأخذني إليه وتلفّتُ حولي كلما مشينا في الممر الضيق الذي مررنا به لأتأمل الرسومات الجميلة التي ملئت الجدران الطويلة وصولاً إلى ردهة كبيرة يقع في وسط جدارها الكبير عرش ضخم بدى وكأنه مِلك لأحد ملوك بريطانيا القدماء فمشيتُ بسرعة حين وجدتُ الرجل الضخم من خلفي يدفعني بعنف لأتقدم وأدخل الغرفة وراء سيدته كما دعاها وهو يأمرني بالدخول....

اللقاء مع المتوحش.

       خرجتُ بعد أن جفّ شعري المبتّل وتناولتُ بشهية جميع الطعام الذي قدمته لي "تينا" بإبتسامة باهتة من شفتيها المكتنزتين المرسومتين بقلم أحمر الشفاه الفاقع ذو اللون القرمزي وقد غيرتُ ملابسي المتسخة بتلك النظيفة التي قيل لي بأنّ المدعو "إدوارد" خصّصها لي ليقابلني بها....
      لم تكن تلك الملابس تناسب قياسي ولا ذوقي فلم أكن أشعر بالراحة في ذلك الفستان الفضفاض ذي اللون البرتقالي القبيح وطبعات الأزهار الغريبة التي إنتشرت عليه ولكنني شعرتُ بالدفئ والإرتياح لوجود السترة الصوفية الخفيفة التي لبستها لتغطية أكتاف الفستان العارية
       تقدّم مني رجلان ذو بنية عريضة يلبسان البذلات الرسمية وأمسكاني بعنف كلاً من جهة وتمّ جرّي حرفياً من قِبلهما إلى وسط الردهة أمام ذلك العرش وأجبراني لأجثو على الأرض بينما وقف الشخص الجالس عليه وتقدم مني وأمسك بذقني بقوة وهو يقول بلكنة إنجليزية واضحة..... " صرتِ بين يديّ وأخيراً أيتها الخائنة القذرة".... أبعدتُ رأسي بتقزز لأتخلص من قبضته... لطالما أحبيتُ اللكنة الإنجليزية ولكنني كرهتها بشدة بسبب هذا الإسكوتلاندي الأصهب المتعجرف المدعو ب"إدوارد" وحين صرختُ وحاولتُ الوقوف لأهاجم الرجل الذي سلبني كل شيء صفعني بشدة جعلت الدماء تسيل من شفتّي وعاد ليضربني مرة أخرى وهو يمسك بشعري بعنف ويوجّه عدة ضربات متتالية على وجهي ففقدتُ وعيي وأنا أنظر إلى وجه "حسّان" المرتعب الذي يبكي بجابنه بصمت....

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 19, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حلمي المُحَقّقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن