"تحت شجرة الكون"
كان اسحاق نيوتن مجرد طالب شاب في جامعة كامبريدج حين هرب الى قرية تبعد حوالي ١٠٠ كيلومتر من لندن، ليتجنب عدوى الطاعون الذي تفشى في المدينة. وهناك، في تلك القرية، سقطت التفاحة على رأسه وتغير معها فهم البشرية لعلاقتهم بالكون الذي يعيشون فيه.
ليس لدينا دليل أكيد على سقوط التفاحة، ولكن كتاب سيرته يقولون؛ بالفعل كانت هناك شجرة تفاح قريبا من البيت الذي لجأ اليه نيوتن في آخر أيامه، تحدث عن شجرة تفاح يتدلى منها غصن تثقله أحدى الثمرات وعن القمر الذي كان يرتفع فوقها. وانه تأمل هذا التشابه وسبب عدم سقوطهما فولدت الجاذبية .
ومهما كانت هذه القصة صحيحة أم لا، فإننا أصبحنا منذ ذلك التاريخ، نؤمن بالعلم ونبجل العلماء، لأنهم نجحوا في إقناعنا في ان الحل بين أيديهم لفهم أسرار الطبيعة.
وبذلك التحول العميق في طريقة رؤيتنا للعالم، أصبحنا نطلق على الشعوب التي لا تنظر الى الوجود بطريقتنا بالشعوب " البدائية" و الغير العقلانية واللا منطقية، وإن تركيبتها الإدراكية متخلفة بالنسبة لنا.
لكن علماء الانثربولوجي مثل ليفي شتراوس و مالينوفسكي، رفضوا هذا المنطق العنصري، وعدوا الأساطير والسحر والممارسات ما قبل العلمية ممارسات عقلانية أيضاً، ولديها طريقتها في رؤية الوجود، وإن العلم هو طريقة واحدة فقط من طرق فهم العالم.
ففي (غانا) مثلا، حيث تعيش مجموعة من هذه القبائل وجد الانثروبولوجيون أن سكانها " البدائيين" صنفوا العالم بطريقة يصعب على الإنسان الحديث فهمها أو القيام بها، وتصنيف موجودات العالم هو أفضل الطرق لفهم وجودهم.
الغريب،
إن مجموعات من القبائل البدائية في استراليا وأمريكا وغيرها، قد انقرضت بعد اختلاطها بالإنسان الحديث، الذي تفوق عليها بقوة العلم فقط، وكان انقراضها بسبب أن الاخير حمل اليها انواعاً من الفايروسات لم تكن تعرفها في السابق، ولم تكتسب مناعة كافية ضدها.! ان تفاحة نيوتن كشفت لنا كيف تدور الكواكب حول بعضها،
لكن فايروس مجهري حرمنا من رؤية السماء والنجوم والطبيعية والهواء وحول بعضنا الى " قبائل بدائية" فقدت فهمها للوجود عندما قررت أن تتعالى على الآخر بكل ما تعرفه وما لا تعرفه، سقطت على رأسها مثل تفاحة نيوتن، لكن بلا قمر يمنحها رفاهية السقوط تحت سماء من التواضع.
