"مرت الأيام والسنين وعمري ما نسيت اليوم ده أبدًا، يعتبر أسعد يوم في حياتي، وأتعسهم برضو، اتجوزت فيه من البنت اللي بحبها، وكان سبب إني اقتلها كمان..
الفرحة مكنتش سيعاني ومكنتش مصدق إننا هنقضي باقية حياتنا سوا فعلًا، كنت فاكر إن هي كمان بتبادلني الشعور لغاية ما صحيت بليل وملقتهاش جنبي، ناديت عليها مردتش، قومت أشوفها فين، سمعت صوت همس جاي من ناحية المطبخ، اتجهت ليه، مكنتش شايف كويس من الضلمة بس شوفت ظل طويل وعريض واقف قريب منها بيكلمها، ولعت الضوء بسرعة عشان أفهم اللي بيحصل الظل اختفى، وهي اتفزعت والرعب سيطر على ملامحها، كأنها ارتكبت جناية!
مريت الموضوع عادي بس المواقف زادت، الظل اللي مش لاقيله تفسير بشوفه معاها كتير، أرجع من الشغل وألاقيها بتكلمه بس المشكلة إنه مجرد ظل ومش قادر أمسك عليها حاجة، حياتنا كانت متوترة جدًا، لغاية ما في يوم وأنا على السلم شوفت باب شقتنا بيتفتح ولقيت جارنا خارج منها، دخل شقته وأنا دخلت شقتي على طول، لقيت مراتي واقفة مبتسمة جدًا واتخضت أول ما دخلت والإبتسامة اختفت، الأمور بدأت توضح بالنسبالي، وقررت إن اليوم ده مش هيعدي غير لما انتقم لشرفي.."- وأيه اللي حصل بعد كده؟
- هو ده الكلام اللي هو يعرفه وكاتبه في مذكراته، اللي ميعرفهوش بقى، إن قبل ما هما يسكنوا في الشقة ديه وقبل ما أنت ومراتك تسكنوا، كان فيه زوجين عايشين في تبات ونبات، البداية كانت من عندهم، هما مكانوش بيخلفوا، أو الزوج هو اللي مكنش بيخلف، كنت عارف عشان بيكشفوا عندي، طبعًا قالي مقولهاش، فهمتها إن هما الاتنين تمام بس مفيش نصيب، هو شغله أصلًا مش هنا، شغله في السعودية وكان دائم السفر، تقريبًا مش بيقعد هنا غير كام أسبوع بس، جيه مرة على غفلة في عيد جوازهم وكان عايز يعملها مفاجأة بس هو اللي اتفاجئ، لقى مراته هنا في الشقة بس مع واحد غريب في وضع مش تمام، الدم غلي في عروقه طبعًا ونزل فيها ضرب، وقتلها، اكتشفنا الموضوع ده لما حارس العمارة راح يرمي الزبالة وشاف كيس ملموم حواليه كلاب كتير، فتحه لقى فيه أجزاء من جسم بني آدم، بلغ البوليس طبعًا، ومكنش فيه حاجة واضحة.
أنا كنت طول اليوم شامم رائحة غريبة من شقتهم، خبطت محدش رد، قلقت بصراحة وخصوصًا مع موقف الجثة ده، فكسرنا باب الشقة، هو كان فاتح الأنبوبة والغاز كان متسرب في الشقة كلها وهو كان نايم في أوضته، كان عايز ينتحر، وديناه المستشفى طبعًا ولحقناه، البهدلة اللي في أوضة النوم والدم اللي مغرقها ومغرقه كان واضح منها طبعًا ديه جثة مين، أول ما فاق مكنش فيه على لسانه غير جملة واحدة "أنا كنت بحبها، هي السبب.."
وحاليًا هو في مصحة للأمراض العقلية.
أعتقد ده نفس اللي حصل مع السكان اللي قبليك، أنا كنت عندها فعلًا، هي كانت بتكلم مراتي من شباك المطبخ وفجأة وقعت، فدخلنا عليها الشقة طبعًا، كشفت عليها واكتشفنا إن هي حامل، مراتي رجعت الشقة عشان الأكل اللي على النار وأنا كتبتلها الدواء ورجعت بعديها على طول، فبالتالي هو شافني أنا بس.
ده غير إن مراتي حكيتلي إن هي دايمًا كانت بتشتكي ليها من تصرفاته الغريبة وشكه الدائم فيها، والموضوع ده كان أذيها نفسيًا جدًا كانت فاكرة إن الحمل ده ممكن يصلح بينهم، بس اللي متعرفهوش إنه بوظ الدنيا أصلًا، اعترفتله بحملها، فنزل فيها ضرب بسبب شكه، شغل الغاز وحبسها في أوضة المطبخ وسابها تموت، نزل ورجع لقاها ماتت بالفعل، وكأنه استوعب الجريمة اللي عملها وفضل قاعد يصرخ، خبط عليّ وهو بيقول بهستيريا "أنا كنت بحبها، هي السبب.."
- يا عم أنت مصدق الخرافات ديه؟
- أنا مكنتش مصدقها، بس بعد ما سمعت صوت خناقك أنت ومراتك امبارح صدقت!
- ديه خرافات.
- صاحب الشقة اللي عليه يكسب من وراها أيًا كانت الطريقة، بس أنا مش هتفرق معايا كتير فحبيت أخلص ضميري واعمل اللي حابه.
- أنا هعمله فعلًا.
ثمّ بسخرية: شكرًا على النصيحة.
سابني ومشى، الكلام حقيقي ميتصدقش، بس اللي شاف غير اللي سمع، روحت أقفل الأضواء والشبابيك عشان أنام، مراتي مش هنا وبايت لوحدي النهارده فلازم أعمل كلّ ده بنفسي، بس وأنا بقفل شباك المطبخ شميت رائحة غاز قوية، يبدو إنه عمله فعلًا، كان بيحبها، بس هي السبب..#ما_وراء_المدينة #المخوفاتية_فوق 💜✨
#يمنى_جاد