رأيته يجلس على كرسي بحوار مكتبه وعلى قدمه تجلس فتاة تماما مثلما كان يُجلسني على قدميه حين اكون غاضبه منه يحاول مصالحتى ، رأيتها تجلس تماماً مثلى ليداعبها ويطلب رضاها ، كانت جميلة بل رائعة الجمال بجسدها الممشوق هذا وشعرها الأشقر وبشرتها البيضاء اللامعة ، لاحظت نظراتي لها فسألت بدهشه : من أنتِ ؟!
أردت من كل اعماقي ان اصرخ بها قائله : أنا حبيبته ، انا من يجب أن تكون مكانك ليطلب رضاي وليس أنت ، انا من جئتي ايتها البلهاء لتسرقي منها ماتبقا لها في الحياة .
انتشلني صوت ايهاب وهو يقول اثناء قيامه : انها ملك ابنه عمى يا سارة .
نظر إليّ بعيون لامعه واشار اليها وقال بصوت جامد صارم : وهذه يا ملك سارة خطيبتي .
وقعت جملته علىّ وقع الصاعقة لتحرق قلبي وتتركه رماداً ، وأنا أنظر اليه مدهوشه وعينى تكاد تخرج من محجريهما ، انتظر منه أن يُكذب ماقاله لسانه للتو ، الا انى لم ارى منه سوى الجحود ونظرة عتاب في عينيه لا أدرى ما سببها ، طال الصمت وأنا أسمع تلك الساره تتلو على مسامعى كلمات الترحاب والاستقبال ، وعيناي مثبتتين على وجهه انتظر منه ان يخبرنى بانى انا وحدي هى خطيبته وحبيبته وليس سواى ولكنه ظل جامداً بنظرة العتاب التي تلوح من عيناه ، قلت بصوت يشوبه البكاد ويخرج من بين شفتاي المرتعشين : انت تمزح معى أليس كذلك ؟!
نظر الي تلك السارة وقال بملامحه الصارمة : " انتظريني بالخارج يا ساره فانا اريد ان اتحدث معها بامر هام .
لمحتها تنظر إلي بغضب قبل أن تخرج وتغلق الباب خلفها ، نظرت إليه مجدداً انتظر منه توضيح لما قاله ، لأجده يرمقنى بنفس نظرة العتاب التي تطل من عيناه ، صرخت مرة اخرى بصوت مرتعد : ليس صحيحاً ما يحدث ، أليس كذلك ؟!
ليجيب بصرامة : بلى صحيح يا ملك .
- لا ليس صحيح ، أنت تحبني أنا ، أنا هى من يجب ان تكون خطيبتك وليست هى .
قال بعتاب : أنتِ تقولين هذا بعد فوات الأوان يا ملك ، فسارة الآن خطيبتي وقريباً ستصبح زوجتى وما أعرفه أنكِ أنت السبب في هذا .
- أنا السبب !! ماذا تقول ؟ هل طلبت منك أن تذهب وتخطب غيري ؟!
- لا لم تقولى ، ولكنك طلبت منى أن أكون لكِ ابن عمكِ وفقط ، ألم يكن هذا طلبك ؟
-أنت بالطبع تمزح يا ايهاب ، لم أطلب هذا بمحض ارادتي وانت تدرك هذا جيداً .
- لا يا ملك لقد كنتى جاده في طلبه ، وحينها شعرت بمدى ضآلت مكانتى لديك .
- أنت من أجبرتنى على هذا ، حينما أخبرتنى بأنك على استعداد لتتنازل عن حبي مقابل أن تخلص لعملك ، الم تقل هذا .
صرخ بغضب جعل الخوف ينتابني : كان يجب أن تفهمى أنه تعبير مجازي يا ملك ، مجرد جملة أود أن أوضح لكِ بها أننى لايمكن أن أتخلى عن مبادئي ، كنت أنتظر منكِ ان تتفهمى موقفى ، وتشجعينى على ما أفعله بدلاً من أن تبتعدي عنى وتطلبين ألا نكون سوى أقرباء ،حسناً إذاً لقد لبيت لكِ طلبك
لمِ تأتين الآن تلوميننى على ما أفعله وأنتِ السبب فيه ؟
قلت وأنا أحاول أن أوقف بكائي بيدي : لقد مات أبي ، وانت الآن تعاقبني لشئ طلبته في لحظة غضب ، بدلاً من تكون أول من يقف بجواري .
قلت جملتى وخرجت دموعي من عينى كالشلالات لا تجد عائقاً امامها ، شعرت بالضعف يدب في قدماي فانهرت علي أقرب مقعد بجوارى ، واجهشت في البكاء .
*************************
جثا على ركبتيه امامى وأزاح كفي من على وجهي بحنانه الذي أعرفه ، ومد يده ليزيل دموعي قائلاً : أنا حقاً آسف لوفاة والدك ، لكنى لست قادراً على محو صورتك من مخيلتي وأنتِ تتهميننى بقتله .
سألت مشدوهة : ماذا؟ أنا أتهمك بقتل أبي ؟
نظر إلي متأملا كانه يريد أن يغبر أسوارى ليقول : نعم ، حينما مات وجئت لك في المشفي لتصرخي بوجههى وتطلبي منى أن أرحل عنكِ ولا أريك وجههى مجدداً وعللتي طلبك هذا بأننى قاتل والدك في نظرك .
أخدت أهز رأسي بعصبية نافيه ما يقوله : لا أذكر أي شئ من هذا ، صدقني لم أكن في وعيي حين قلت لك هذا .
ظفر بضيق وقال : أعرف ، لقد قلت ما يدور بعقلك اللاواعي ، فانت ياملك تؤمنين بداخلك أننى سبب موت والدك ، ولا يمكننى أن أكمل معك وانا اعرف أنك تنظرين الي على انني قاتل والدك ، او حتى كنت سبباً في موته .
- لكننى لست أفكر هكذا .
- ملك أرجوكى أخبرينى بصدق ، ألا تشعرين من أعماقك بأننى كنت سبباً من أسباب وفاة والدك ؟ أجيبى بصدق ولا تخشي شيئاً أنا أرجوكى .
نظرت الي عينيه التي لطالما تحلق بي فى عالم آخر ، لارى فيها نظرة الرجاء وأنا أفكر فيما سأقوله فقلت بتردد : أنا أؤمن بأن عمر أبى قد إنتهى ، وموته قضاء وقدر .
اشتدت قبضته على يدي وهو يسال بصرامة : هل كنت سبباً في موته أم لا ؟!
أجبت بتردد أكبر : نعم ، كن..
لم أكمل جملتى حتى وجدته يترك يدي بعصبيه وينهض وهو يزفر قائلا : حسناً إذاً ان كل ماقلته لي في حالة انهيارك هو ما تؤمنين به ، وأنا لا أستطيع أن أكمل معك وأنتِ تعتقدين أننى سبب في موت والدك .
تساءلت باستنكار- أتلقى اللوم علىّ ؟
قال بصرامة وهو ينظر للاتجاه الاخر : أنا لا ألقي اللوم على أحد ، ولكنكِ طلبت شيئاً وانا أنفذه لكِ .
انعقد لسانى وشُل عقلي وانا انظر اليه لا أحرك ساكناً ، الا انى شعرت بجميع الاشياء تدور من حولى والأرض تميد بى ، ولكننى استجمعت قواى فانا لا اريد ان انهار الآن ، طال صمتى وانا انظر اليه لا أقدر على تصديق ما يحدث ، وأن كل شئ بيننا ينهيه هكذا بكل تلك السهولة ، والأدهى من هذا بأنه يلقى اللوم علىّ ، بدد الصمت بقوله : بالاضافه الي اننى خطبت سارة الان ، ولا يمكننى أن أطلب منها الابتعاد وأجرحها هكذا بكل سهولة ، فقد جرحت من قبل وأنا أدرك جيداً كيف يكون وجع الألم الذي يسببه لك الحبيب .
نظرت اليه يأعينى الدامعه ، وشعرب بان هناك من يجثم فوق صدرى يمنع عنى الهواء ، ويكتم أنفاسي ، تجاهلت ذلك الضيق الذي يغزو صدري ، فنهضت من مكانى واتظاهر بالتجلد وقلت بينما يعتصر قلبي ألماً : مبارك لك خطبتك .
ردّ على بابتسامة شاحبة جعلت قلبي يخرج آخر أنفاسه ، فأوليت له ظهرى وتوجهت نحو الباب بخطوات ثقيله وكأن قدماي ترفضان الذهاب ، وبداخلي يتمنى لو ينادي ويخبرني بأنه يتراجع عن كل ما قاله ، وبأنه يحبني أنا وفقط ، لكم اتمنى بأن ينادي باسمى الذي اعشق نغمته من بين شفتيه ، ويفرد لي ذراعيه لأذوب بينهما وأنهل من رحيق دفئه وحنانه ،
فقط لو يناديني ولو لمره ،،،،
"ملك"
تسمرت قدماي في موقعهما ، وشعرت بالحياه تعود لقلبي مره أخرى ، ويطير عقلي فرحاً ، التفت انظر اليه بلهفه وشوق لما سيقوله ، وقلت بصوت مختلج مضطرب : نعم
ليجيب بصرامة " أرجوكى لا تخبري أحداً وخصوصا سارة بما كان بيننا "
أنت تقرأ
الوهم (مكتملة)
Lãng mạnتبدأ الرواية ب(ملك) التي تجد نفسها بمشفى إذ كانت بغيبوبة إثر صدمتها بموت والدها الذي مات بدوره إثر صدمة بالغة بعد أن تم القبض عليه بقضية مخدرات.. والأدهى أن من قبض عليه هو خطيبها وابن عمها.. وتجد نفسها بعدما تم الحجز على أملاك والدها مضطرة للعيش مع...