في مساء من أمسية الصيف الحانية تقف فاطمة تودعه على أمل بالعودة، وفي تلك اللحظة أمطرت السماء على غير سابق عهدها، أهو حزن السماء من كذب الحبيب؟ أم هو بكاء لمواساة المحبوبة؟
تخلل المطر في هذه اللحظة إلي جسد فاطمة كأنه يمنحها إشارة إلهية،ولكن حبها أخفي عنها جميع الإشارات.
علي الجانب الآخر مصطفى يضحك وهو ذاهب إلى المطار برفقة صديقه المقرب علي، وأخيرًا يا علي خلصت من زنها كل شوية هنتخطب امتى والكلام ده، أخيرًا هنسيب مصر ونعيش حياتنا ونلف بلاد العالم.
علي: ومتنساش ونشوف بنات العالم هههههههه.
أطلق مصطفى الضحكات عالياًوقال: هو ده كل همك يا زفت أنت؟
علي:اه طبعا مش هنسافر يبقي لازم نجرب كل الأنواع. مصطفى :طيب يلا هنتاخر على الطيارة.
موبايل فاطمة بيرن.
_:الووو.
=:الوووو يا فاطمة أنتِ فين؟!
_:أنافي الشارع.
=بغضب: معقول واقفة في المطر ده وطنط ازاي سمحتلك تخرجي.
_:كنت بودع مصطفى يامي.
=: مصطفى! وعلامات الإنزعاج تبدو في صوتها.
_:أيوة مصطفى يامي علشان هيسافر.
=: يابنتي الولد ده أصلا ميستهلكيش؛ ده بتاع بنات و....
قاطعتها فاطمة قائلة:بحبه يامي أعمل إيه في قلبي؟!
=:خلاص خلاص أما ترجعي البيت طمنيني وبكره نتكلم.
_اوك تشاو بقى.
=:تشاو.
عادت إلى منزلها تجر معها أذيال الخيبة،تحاول إقناع نفسها أنه لا يكذب عليها مثلما يقول الجميع، هي تثق به، تثق أنه سيعود..ولكن ماذا إن لم يعد؟!
كثير من الأسئلة والمشاعر تدور بداخلها.
وصلت إلى منزلها الجميل المكون من طابقين وحديقة صغيرة، ويتوسط الطابق الأسفل مكان حيث يجلسون ويجتمعون به كل ليلة أمام التلفاز، يتناولون أطراف الحديث هي ووالداها.
حسين:بطوط فينك من بدري قلقتيني عليكِ ومش بتردي على تليفونك؟
فاطمة:كنت بتمشى شوية يا بابا.
عايدة:طيب غيري هدومك علشان متاخديش برد، وبعدين نتكلم.
فاطمة :حاضر يا ماما طالعة أهو، بس هنام ونتكلم بكره.
عايدة:ماشي يابنتي اللي تشوفيه، المهم تكونِ بخير.
ذهبت إلي غرفتها ودخلت لتتوضأ، بعد قليل خرجت ثم ارتدت إسدال الصلاة وبدأت في الصلاة.
سجدت إلى ربها والدموع تنهمر علي خديها كالمطر وهي تدعو الله ان يصدق مصطفى في وعده؛ فهى تحبه كثيرًا ولكن الجميع يحذرها منه ومن هذا الحب، الذى حسب ما يقولون سيوقعها في المشاكل.
إنتهت من صلاتها وذهبت في نوم عميق.
في صباح اليوم التالي.
عايدة:قومي يا بطة هتتاخري على الشغل.
فاطمة:ما لسه بدري يا ماما.
عايدة:لا قومي يلا..ثم قامت بفتح شباك الغرفة وصرخت مرة أخيرة في فاطمة قائلة: ما تخلصي يا بطة علشان تفطري قبل ما تروحي الشغل.
أستيقظت فاطمة ويبدو على وجهها الإرهاق.
_صباح الخير يا أحلى دودي في الدنيا.
=:أيوة أضحكِ عليا بالبؤقين دول.
_:ههههههه كده يا ماما خلاص مش هقولك تاني .
عايدة بعد أن خرجت منها ضحكة لاإرادية: ماشي يا بكاشة.
نزلت عايدة إلى الأسفل وتركت فاطمة لتصلي فرضها، وبعد لحظات نزلت فاطمة وبإبتسامة حانية قالت:صباح الفل يا أحلى بابا في الدنيا.
حسين :صباح الورد يا حبيبة قلب أبوكِ.
فاطمة بعد أن أنهت إفطارها: يلا بقى أنا أتأخرت على الشغل..سلام.
حسين وعايدة في صوت واحد سلام..ربنا يحميكِ يابنتي.
_______________
في الشركة
فاطمة:صباح الخير على الجميع.
أصدقائها:صباح الفل.
مي :صباح الخير يا ست هانم..عارفة لو مستر محمد عرف إنك متأخرة ساعة كاملة هيرميكي برا.
فاطمة:هههههههههه حبيبتي يامي أكيد أنتِ دافعتي عني.
مي:طبعا أنا الحيطة اللي كله بيسند عليها.
فجأة بين هذه الضحكات يرن موبايل فاطمة.
تغير وجهها عندما رأت اسم المتصل،وعلامات الدهشة والتعجب بدأت واضحة عليها.
بالفعل إنه مصطفى،أيقنت مي من تعبيرات وجه صديقتها انه هو؛ فهى أكثر واحدة تعرفها بل تحفظها دون أن تتكلم حتى.
مي:مترديش يا بطة علشان خاطري.
فاطمة :لا هرد؛ قولتلك مش هيبعني..هرد علشان تصدقي أنه بيحبني بجد ومش بيكدب.
مي:طيب خلاص ردي وافتحي السماعة علشان أسمع.
يابنتي اسمها speaker أنتِ مش عايشة ع الكوكب ولا ايه!
مي:افتحي أي حاجة المهم أسمعه.
فتحت فاطمة speaker الموبايل وبدأت بالكلام.
_أهلا ازيك يامصطفى.
=:ازيك يا فاطمة،عاملة أيه؟
_أنا تمام، المهم أنتَ عامل أيه طمني عليك؟
=أنا تمام يا فاطمة..أنا اتصلت علشان أقولك.
_تقول أيه؟!
=أقولك إن احنا مش هينفع نكمل مع بعض؛ احنا مش لبعض وأنتِ أكيد هتلاقي حد أحسن مني.
_بس يامصطفى بلاش مقالب، علشان أنت عارف إني مش بحبها.
=بس ده مش مقلب يا فاطمة، صدقيني أنتِ هتلاقي حد أحسن مني سلام .
صمتت فاطمة ولم تنطق بأي كلمة.
مي كانت تعلم أن هذا سيحدث عاجلًا أم آجلًا،ولكن لم تكن تتوقع أن تنهار صديقة عمرها بهذه الطريقة البشعة.
اسودّت الدنيا بعيون فاطمة ولم تستطع رؤية أي شيء أمامها وفجأة سقطت على الأرض.
مي:فوقي يابطة فوقي.
قومي علشان خاطري يا بطة حصلك إيه؟!
____________
وبعد محاولات عديدة لإفاقتها
فتحت فاطمة عينيها وتذكرت ما حدث لها وأخذت في البكاء..ضمتها مي إلى حُضنها وأخذت تقرأ عليها بعض الآيات،ثم بدأت تحدثها.
_اهدي يا حبيبتي هو ميستاهلش دموعك دي،أنتِ أقوى من كده وربنا هيبعتلك الأحسن منه، هيبعتلك واحد يكون بيحبك بجد مش مجرد كلام وخلاص.
=بس أنا حبيته جدًا ومش عايزة غيره و.
_خلاص يا عمري بلاش تجيبي سيرته على لسانك تاني،ويلا بقى علشان اوصلك البيت علشان ترتاحي.
وصلوا إلى منزل فاطمة وفوجيء والداها بقدومها مبكرًا. صعدت فاطمة إلى غرفتها وأخبرت مي أهل فاطمة بما حدث.
حسين :أنا قلتلها تبعد عنه.. بس هى اللي أتمسكت بيه.
أصلا ياعمي هو دايمًا كان بيقول هيتقدم لها بس.
بس ايه؟ اهو طلع كداب وغدر بيها.
اطمأنت مي على صديقة عُمرها..ثم استأذنت والداها وعادت إلى بيتها، وعقلها يفكر في صديقتها وفي الحزن الذي وقع على قلبها كالثلج.. ماذا سيحدث بعد؟
بعد مرور أيام جميعها متماثلة عبارة عن شرود في حياتها، وهدوء يعم نفسها،ولكن هل هذا هو الهدوء الذى يسبق العاصفة ؟!
كانت جالسة في حديقة منزلها، وفجأة افاقت من شرودها وأخذت تفكر،ثم صعدت إلى غرفتها وارتدت ملابسها التي كانت عبارة عن:
فستان أزرق اللون وجاكيت اسود وحجاب وشنطة من نفس الألوان.
خرجت من المنزل ولم تقرر إلى أين هى ذاهبة،أو بالأحرى أن أقدامها كانت تأخذها إلى المكان المعتاد.
نعم! إنه المكان المفضل لهما،ذهبت وجلست حيث كانت تجلس معه دائمًا،تذكرت جميع لحظاتهما معًا.
سقطت من عينيها دمعة حارقة،أستيقظت على أثرها من ذكرياتها، وكأنها عادت إلى عالم غير الذي كانت فيه.
حقا إنه كان عالمها الخاص ولكن..ماذا كانت هى له؟!
حاولت القيام للذهاب إلى المنزل، ولكن أستوقفها صوت مي قائلة: بطة أنتِ بتعملي إيه هنا؟وحشاني جدًا.
وأنتِ كمان وحشاني أوي يامي،ووحشني حضنك أوي.
تقدمت مي وأحتضنت صديقة عُمرها، وأخذت فاطمة في البكاء ومي تربت على كتفها وتخبرها ان الله سيعوضها خير على ما مضي.
اصطحبتها مي إلى المنزل وغادرت على وعد أن تأتي إليها في الصباح؛ ليذهبوا معًا إلى العمل.
ذهبت فاطمة إلى سريرها وكلها حزن على الحبيب الغائب.
#للقدر_رأي_أخر
#لزينب_حسني