الفصل الخامس عشر
صاد الصمت بينهما للحظة لاتعلم ما يحدث أمامها أهو حقيقة أم خيال ، يُخيل إليها أنه حلمًا صعب التصديق ، بل كابوس كريه .
قطع الصمت بنبضاته العاشقة يريد أن يستشفى آلامه بنبضاتها ، ولم يعلم أن الإستشفاء القلبي لا يأتى من نبضات متفاجأة ، كاره .
_ عمرك ماهتندمي على إختيارك يا ياسمين .
إختفى الصفير من أذناها لترى أنها بأحضان أدم بين يديه داخل صدره الذي يضغط على أنفاسها بقوة ، حتى تلامس وجهها بذقنه المليئة بالشعر .
حاولت أن ترفع يدها حتى تدفعه من صدره لكي يبتعد ، لكن ، لا يوجد أى فسحة لها حتى تبسط زراعيها ، وبدأ الهواء يختفى تدريجيًا من رئتيها بسبب قوة عناقه .
_ تتجوزيني ..؟
مرت تلك الكلمة على أذناها لتصعق قلبها بالكهرباء ، فتسللت القوة داخل زراعيها لتدفعه بضيق وعلى قسماتها الغيظ .
فهتفت وهى تلهث إثر قلة الهواء فى رئتيها
_ تي إيه ...! ... أنت بتعمل فيا كدا ليه ، مش خايف من ربنا إرحمني وإبعد عنى ، خليني أعيش حياتي بدون مشاكل .
كان ينصت وعلائم الدهشة ترتسم على شفتاه الصامتة وعلى عيناه التى مالت الى الحزن ، فقد توقع ان تشعر بما أوصله من دفئ مشاعره لها فى قلمه . فقال
_ يعني ايه ، بترفضيني ياسمين ، بعد كل اللى عملته عشانك ؟
_ عملت ايه ، غير أنك تتنمر عليا أنت والتيييت مراتك .
_ طب لبستى السلسلة ليه ؟
رفعت بصرها اليه بدهشة ، فكيف له أن ينسب اليه هذا السؤال ، فقالت ..
_ وأنت مالك ..
شعر بالضيق منها ومن كلماتها المستهترة التى تحارب بها مشاعره الكبيرة لها .. فقال بثقه وهو يقوم بمسك معصم يدها ويضغط عليه ويقترب منها .
_ أسمعي الكلمة دى لأن مش هكررها تانى
(تنهيدة حارة )
-أنا بحبك ياسمين
شهر بالظبط وهتكونى مراتي ، وهعتبر لبسك لسلسلة موافقة
انا عارف كويس أووى أنك بتحبيني ، وبتموتى فيا، فحركات التقل بتاعتك دى مش هتنفع معايا
السلسة دى لو أتقلعت يبقي أنت بتسرعي فى معاد جوازنا ، ودا هيكون من حظي عشان معتش قادر ، وتعبااااان .
كانت الكلمات تلقى الى مسامعها كالقذيفة المشتعلة تنفجر داخل أذناها ، وكلما تنصدم بكلمة تأتى الكلمة الأخرى لتصعقها أكثر .
بداخلها الكثير من الرصاص تريد أن تقذفه اليه حتى يتوقف ، لكن ، الصدمة شلت لسانها .
فبقت كالحمقاء تنصت إليه بعيون جاحظة ،وفكها السفلي يتدلى لأسفل .
بقي ينظر الي عيناها بجراءة مليئة برغبات مشتعلة ، وهى ، تنظر اليه بصدمة ، التفت ليخطوا من أمامه الى خارج المنزل .
****
دخلت الى غرفتها مسرعة تبحث عن الرسائل فعقلها هائم مشتت بكلماته التى تتعارض مع اعتقادها بأن سيف من كان يرسل اليها الهدايا .
وعندما وجدت الرسالة ، هرعت اليها لتفتحها وتكمل باقي الكلمات ..
( تلك السلسة وضعت بها قلبي ليكون قريب من نبضاتك ، فهل لزهرة الياسمين أن تقبل بي ؟ )
(لو لبستي السلسة هعتبرها موافقة أنك تكونى شريكة حياتي يا ياسمين ، أتمنى متكسريش قلبي اللى بيحبك وبينبض ليك إنتِ بس
من عاشق الياسمين أدم. )
وعندما إنتهت من قراءة الرسالة قامت بإطلاق صيحة غاضبة ، وكزت على اسنانها وهى تقول
_ أدم ياتيييييت ، أنا عارفه أنت بتعمل كل دا ليه ، عاوز تخليني تحت رحمتك ، مش هخليك أبدا تنتصر عليا .
قامت بسحب السلسة من رقبتها وقذفتها بعنف لتصطدم بمرآتها وتقوم بتحطيمها .
لم تتوقف عن إطلاق زفرة غاضبة وهى تتقلب على الفراش ، فقامت بغضب إلي خزانة ملابسها ،وتقارن بين ملابس سيف وأدم التى جاءتها كهدية .
رأت أن ملابس سيف وذوقه تختلف تماما عن الملابس التى أختارها أدم ، فسيف يختار ملابس كاشفة بعض الشئ ، لذا تجد صعوبة فى إرتداءها ، فهى تخجل من ظهور جسدها ، أما عن زوق أدم كانت ملابس واسعة تخفى جسدها ومعالمه .
لذا قد وجدت راحة فى إرتدءها .
تضايقت من نفسها كثيرا وهى ترى أن عقلها يستنتج لها أنه كان جيد فى اختياراته ، فى تلك اللحظة تذكرت الملابس الداخلية فخرج شهقة من ثغرها وهى تقوم بتصفحها مرة أخرى وتنظر اليهم عن قرب ..
_ يعني أدم التييييت هو اللى كان جيبهم ..
.... طبعا عرف مقاسي ، لما كشفنى يوميها ..
بكرهك
قالت الكلمة الاخيرة بغضب وهى تمزق قطعة من الملابس العلوية ، وتأتى بالأخرى لتمزقها ،حتى توقفت وهى تقول بضيق
_ هقطعهم بكرة لما أشترى جديد ...
أنا بجد مش طايقه نفسي وأنا لبساهم .
ذهبت الى فراشها مرة أخرى وهى تشعر بالتعب ، ولم تتوقف عن التملل فى الفراش يمينًا ويسارًا وعقلها يذكرها بكلماته الشاعرية التى كان يبعثها لها فى الرسائل ، فبقت ضحية التفكير طوال الليل ولم تغمض عيناها .
_ مطلعتش سهل يا أدم .. فيك خبث مش فى حد .
****
وفى اليوم التالى ..
بعث العم ناجى العم عبده إلى ياسمين يخبرها أن تأتى لكى تتناول الفطور معهم ، فكان أول تجمع للعائلة على طاولة الطعام .
وافقت ياسمين على الذهاب لكى تشغل عقلها قليلا عن التفكير ، إعتقدت أن أدم فى ذلك الوقت نائما بجانب زوجته ، وبالفعل لم يكن على الطاولة سوي العم ناجى وزوجته وإبناه الاثنان الأخرين .
ومع أول لقمة تضعها فى فمها ، قال لها العم ناجي
_ ياسمين طبعا أنت تعرفي نادر ابني الكبير
_ أأه عرفاه ، قالتها وهى تميل برأسها مرحبة به فقال العم ناجي مردفًا
_ نادر متخرج من جامعة أمريكية . فى قسم الطب نفسي .
مالت ياسمين رأسها بايجاب له ..
وعند رفعت أول لقمة لتتناولها ، ظهر أدم يخطوا الى الكرسي المقابل لطاولة .. ولم تتحرك عيناه عنها وهو يبتسم .
فلمحت أنها لا ترتدي السلسة .. فشعرت بالتوتر لأنها تعرف أن أدم رجلا لا يتنبأ بتصرفاته .
فحاولت أن تظهر أنها طبيعية وتخفى التوتر بتناولها المفرط فى الطعام .
_ أدم .. مامتك قابلتك ؟ هتفت بها زوجة العم الدكتور ريهام
فانتبه لها الجميع ...وإلى إنقلاب قسمات أدم وهو يقول .
_ مشفتهاش من سنين تقريبا ، ليه
_ شفتها فى المطار هى وجوزها وإحنا جين .
ظهر الحزن على وجهه أدم ، ولم يكن الوحيد فقد كان العم ناجي به نظرة حنين الى الماضي جعلت ملامحه الهادئة تلين .
وبقى الصمت على طاولة الطعام ، وكانت ياسمين الوحيدة التى تتناول الطعام بشهية كبيرة ، ولايعلم أحد أنها تخفى مابها من توتر .
وما إن إنتهت من تناول الطعام ذهبت مسرعة الى غرفتها ، تستلقى على الفراش ، ومعدتها ممتلئة بالطعام ، فتسرب اليها النوم لتذهب الى عالم الاحلام .
***
وفى عصر اليوم
كانت الشمس هادئة بدفئها تحمل نسمات لطيفة تمر عبر شرفتها ، فجأة ظهر صوت العم عبده يصيح بصوت مرتفع أسفل غرفة ياسمين
_ ياست ياسمين ، صحبتك هنا ..
_ هالة .. قولها هالة . هتفت بها هالة الى العم عبده وهى تقف بجانبه تحت شرفه ياسمين ، تنتظر أن تأتى اليها .
فلم تأتى اى استجابة فأخبرها العم عبده أنه سيصعد الى باب غرفتها ينبأها بقدومها .
فأنتظرته هالة فى فناء المنزل تجلس على كرسيا خشبي مريح ، فرأت شابا تتذكره جيدًا يتمشي أمامها وينظر الي السماء يتفقد أحوالها .
_ الجو حلو أووى النهاردة ...
إإيه دا هو أنتِ ...
مطت شفتاها وهى ترى أنه يمثل انه متفاجًا بقدومها ..فقالت بسخرية
_ ياسلام ...
_ وحياة السلام ، هتف بها وهى يبسط زراعيه لها حتى تصافحه ..
فنظرت اليه باستحقار من أعلا وأسفل ..وقالت
_ أنت بارد أووى على فكرة ، روح شفلك حد تانى ،، احنا بنتعالج ياخويا ..مش ناقصين .
وما أن جاء نادر يتحدث ... رأى ياسمين تأتى وهى تتثائب .. الى هالة وتقوم بالقاء السلام ،فتذكر كلام والده عنها ، بأنه يجب أن يتقرب منها ، حتى تكون صديقته ، ويقوم بعلاجها نفسيًا وجعلها تتقرب منهم فى المنزل ، بدون أن تعرف أى شئ .
فإن نجح فى تلك المهمة سيفتتح له والده عيادة ضخمة .
أنت تقرأ
"المتحول الوسيم " (مكتملة )
Mystery / Thrillerهذه الرواية مختلفة عن كل الروايات ، سيأكلك الفضول حتي تصل إلى النهاية.. وستاخذك إلى عالم اخر من التشويق.. لن تنساه أبدا