عاليًا، كانت السماءُ متباهيةً بسوادِ لونها، مُرافقةً طلتها بغيومٍ تذرفُ مطرًا غزيرًا باكيةً بفخرٍ لِمَن عاد توًا من حفل تكريمه.
صوتُ الرعد كان عاليًا، بدا كما لو أنه يُصفِقُ بحرارةٍ لمن كان سعيدًا لما وصل إليه.. كيم تايهيونغ المهندس الشاب الذي تحدى ظروفًا أشدُ بؤسًا من نفحات الجحيم، مظلمةً وخانقة كأعماق المحيط؛ كي يصل لنجاحٍ ساحق كان يصبو له منذ صغره.كان تايهيونغ يرتدي بذلةً رصاصيةُ اللون، أُطِرَت حوافها بلون عينيه السوداوتين. بسمتهُ التي تبرز جمال أسنانه المرصوصة كانت جليةً على وجهه الأسمر. سمح لكفه الأيمن أن يتخلل خصلات شعره الشقراء لاعقًا الزاوية اليُمنى لشفتيه، بينما يُغلِقُ الباب الخشبي لغرفته الفاخرة. الخشب الأصيل كان يتباهى لكونه جدرانًا لغرفة هذا الشاب الناجح، سريره الخشبي بلونه الأسود الذي يُطابق لون أثاث الغرفة، تغطيه ملاءة ووسائد بيضاء.
تايهيونغ ذو الستة والعشرون عامًا، كان فخورًا بنفسه هذه الليلة.ابتعد عن الباب بخطى راقصة، يرددُ أغنيةً ما سعيدًا لما شهده في الحفل من كلماتٍ تُشيد بعبقريته وتميزه، وطبعًا تلك اللحظة التي جعلتهُ يرفع رأسه بشموخٍ حينما استمع لصاحب الحفل السيد تشوي، مُدير الشركة الهندسية الأكثر شهرة في آسيا وهو يقول:
«تكريمًا لإبداع تايهيونغ وتفوقه على زملائه، يُسعدني اليوم أن أعلِنُ أمام الملأ أن منصبه قد ترقى لنائبي الأول»عض تايهيونغ على شفته السفلى مُقهقهًا بفرحٍ وهو يتذكر تلك اللحظة ويُعيدها للمرة المئة في ذاكرته.
خطواته جعلته يمضي من أمام مرآة غرفته الطويلة، والتي تُقابل سريره الضخم، توقف عائدًا كي يقف أمام المرآة. ضحكته ذَبُلَت تدريجيًا وأصبحت بسمةً صغيرة. مال برأسه قليلًا نحو جانبه الأيمن بينما عيناه تفحصان هيئته:
«كم تغيرت كيم تايهيونغ!»أفكاره سحبته سريعًا لصندوق ذاكرته، قبل سنة حيث الصيف الماضي، حينما كان يَكِدُ ويعمل بجدٍ في تلك الشركة التي استقبلته كموظفٍ فيها؛ بإعتباره الطالب الجامعي الأكثر تفوقًا في جامعته.
قد تظن الآن أنه إبن أحد رجال الأعمال، أو أحد أثرياء الدولة، لكن تايهيونغ لم يكن كذلك، تايهيونغ يتيمٌ نشأ منذ نعومةَ أظفاره في ميتمٍ بسيط.
الأسمر ذو الشعر الأشقر كان يتعرض للتنمر كثيرًا في صغره؛ فقد كان الطفل الأكثر هدوءًا وانعزالًا، مهما ضُرِب لن يفعل شيئا سوى البكاء وحيدًا في إحدى زوايا الغرف المُظلمة، حيث كان يُحبس بتهمة إفتعال المشاكل التي يُلفقها إليه زملائه بالميتم.
لم يكن يملك اصدقاءًا يلعب معهم، ولا أحد يبكي على كتفه، وهنا تحديدًا حينما اكتشف أصدقائه الأكثر إخلاصًا، كُتبه المدرسية وقلمه الوحيد. وعلى إثر هذا، بات تايهيونغ الطفل الأكثر تفوقًا بين اقرانه في الصفوف المدرسية التي كان يقدمها الملجأ إليهم.
أنت تقرأ
المنقذ
Fanfiction{ مكتملة } سأتكيء على نفسي في كل مرةٍ أشعر فيها أنني على وشك الهلاك؛ أنا فقط من يستطيع تقديم الدعم لي. - كيم تايهيونغ. فائزة بالمركز الأول في مسابقة لآلئ الهواة - الصيف الماضي. كُتِبَت في ٢٠٢٠/٠٨/١٤ الغلاف من تصميم الثمينة: @Amary_llis