مقدمة

564 21 2
                                    

مقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين

عن الرضا عليه :
(الحسین مصباح هدى وسفينة نجاة ...)
عیون أخبار الرضا ج۱ ص۱۲

كثيرا ما يقرع سمعنا هذا الحديث المبارك أو نراه معلقا في أماكن مختلفة، ولكن هل فكرنا يوما في ما يعنيه بشكل حقيقي.

ولا يخفى على الأخوة المؤمنين أن درك عميق المعاني التي أشار إليها المعصومون له في أحاديثهم لا يتيسر لأفهامنا القاصرة ولكن معرفة بعض الجوانب الظاهرة التي قصد الأئمة علي بيانها لشيعتهم مما يخفي كثيرة على البعض من دون التأمل فيها.

وعلى كل حال فما نريد بيانه أن كون الحسين عليه السلام ، مصباح هدى وسفينة نجاة تشبیه مهم من الأئمة  له سلام الله عليه، يراد منه أن الهداية والنجاة مرتبطة ارتباطا وثيقة بالحسين عليه السلام .

فالهداية: هي بيان الطريق الموصل إلى الله تعالى، والذي لا يعرفه إلا الله ومن أرسله سبحانه لغرض الهداية من الأنبياء والأوصياء.

والنجاة: هي انتشال الناس من الخطايا والمعاصي والذنوب وإيصالهم إلى بر الأمان والعفو والمغفرة.

ولكن هنا تساؤلين:
1- لماذا الحسين عليه السلام  بهذا الوصف، مع أنها وظيفة الأنبياء والأوصياء جميعا على مر الزمن
- كما أسلفنا - حتى قال في حقه الإمام الحسن عليه السلام : (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله).

۲- ما هي وظيفتنا تجاه الحسين عليه السلام ، وكيف نستفيد من هذا العطاء الإلهي با ينفع في الأمرين المتقدمين وهما الهداية والنجاة.

أما جواب السؤال الأول:
إن أنبياء الله تعالى على كثرتهم - وهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبي - وكذلك أوصياء هؤلاء الأنبياء كلهم أو جلهم قد مروا بحالة المواجهة مع أقوامهم، ثم بعد ذلك ماتوا أو قتلوا وكما في الحديث أنه: (إذا قبض الله نبيا من الأنبياء، بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة)، فيكون يوم مشهودا من أيام الله تعالى، ولكن من الملفت للنظر أن هذه الأيام التي تؤرخ لفقد ولي من أولياء الله تعالى على الأرض على كثرتها لم يتميز فيها يوم کا تميز يوم الحسين،، فقول الإمام الحسن الزكي عليه السلام
: (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله بعد كل هذا أمر عجيب ومحير، وحري بنا أن نتأمل عظمته ونراعي ذلك.

إن الإمام الحسين عليه السلام ، معدة له في علم الله تعالى أن يقود مشروعة لتصحيح مسار الرسالة المحمدية الخاتمة، التي هي دستور الله تعالى في الأرض للأجيال جميعا وفي كل الأزمنة، بل إن رسالات الأنبياء السابقين كانت تمهيدا لهذه الرسالة السماوية، وتهيئة عقول الناس لتقبلها.

ثم لعظم هذه الرسالة وخاتميتها كان التحدي من قبل طغاة الأمة كبيرة ولذا كان النبي الأعظم ولم يقول: (ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت)، ومن الطبيعي أن محاولات شياطين الإنس لم تنته بنهاية حياة الرسول الكريم , بل استمرت وبشدة أكبر بعد حياته، ويكفي ما حدث من غصب الخلافة، ونحلة الزهراء عليها السلام ، وضربها وإحراق بيتها وإبعاد أهل البيت
وتحجيم مكانتهم في المجتمع... الخ دليلا على ذلك.
وشيئا فشيئا بدأ الطلقاء والمنافقون يتسمون منابر المسلمين ويصلون إلى سدة الحكم لا لشيء إلا لمحو هذا الدين وصرفه عن مساره من جهة، والتنعم بأموال المسلمين بإنفاقها على ملذاتهم من جهة أخرى.

أما الأئمة المعصومون الذين هم الحياة للدين، فقد كانوا مهمشين مبعدين... مقتلين، فكان الحسين عليه السلام ، وكانت عاشوراء بكل مآسيها مشروعا للتضحية والفداء ومثالا التضحية الأئمة في الحفاظ على دين الله وشرعه.

وليس غريبا أن تكون أصداء عاشوراء بتلك الضخامة فهي الدفة التي غيرت مسيرة الدعوة الإسلامية وأنقذتها من التحريف والتزييف ونقتها من الشوائب التي دأب الأعداء إلصاقها بها.

لذا فيوم الحسين يوم ليس كباقي الأيام الخالدة بل هو يوم أعاد الدين إلى الحياة بإعادة الحياة إلى الدين حتى قيل: الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء.

فمن هذا العرض يتضح - نوع اتضاح - أن الهداية التي قام بها الحسين عليه السلام ، في ذلك الوقت المظلم كان لها من الأهمية والتميز ما استحقت هذه الأوصاف.

وأما السؤال الثاني: عن الوظيفة تجاه الحسين عليه سلام
وجوابه: أننا لابد أن ننظر للحسين عليه سلام  كمشروع إلهي لإحياء الدين وحفظه، وبهذه النظرة يكمن مفتاح الجواب وينفتح منه ألف باب، فلو أردنا أن نكون حسينيين وجب علينا أن نعيش قضية الحسين التي عاشها في وجدانه نعيشها في ضمائرنا.

وهذه القضية هي قضية هداية الأمة والحفاظ على دين جده رسول الله و وهذا يكون عن طريق:

- تخلق الإنسان في نفسه بأخلاق الإسلام العظيمة وتطبيق أحكام الخالق جل وعلا، لنكون دعاة للدين بشكل عملي.

- نشر الثقافة الدينية الصحيحة في المجتمع عن طريق بيان العقائد الحقة والأحكام الفقهية.

- تبسيط ما يحتاج إلى تبسيط من هذه العقائد والأحكام.
- دفع الشبهات التي تواجه الفكر الإسلامي.

- حث المجتمع على الالتزام بهذه الأفكار والمفاهيم والأحكام وأن تكون منهجا لهم في الحياة.
- حث المجتمع على التخلق بأخلاق الإسلام والالتزام بتطبيق أحكامه، لا مجرد معرفتها والتفكر بها والحديث حولها، بل تكون دستورة عملية لهم في الحياة بعد معرفة أنه الطريق الوحيد الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة.

- تفعيل دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يواجه هجمة شرسة لتهميشه بمسميات مختلفة، بعد أن شخص أعداء الإسلام أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الكفيل بالحفاظ على نسيج المجتمع الإسلامي محتفظا بثوابته.

- مواكبة العصر بإيجاد طرق بديلة لنشر الأفكار الصحيحة واستخدام العلوم الحديثة وما ينتج عنها من وسائل اتصال وإيصال للمعلومة في سبيل نشر فكر أهل البيت عليهم سلام  إلى
الناس.

العتبة العلوية المقدسة
قسم الشؤون الدينية
شعبة التبليغ

شذرات من حياة الامام الحسين(عليه السلام)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن