الطريق إلى عالم الأهوار ليس سهلا على غير سالكيه، ممن اعتادوا على مفترقاته وتشعباته المائية، التي يشكل نبات القصب والبردي جزرا متراصفة فيه، إضافة إلى التجمعات السكنية، العائمة في اغلب الأحيان، ما يجعل الوصول إلى الهدف المطلوب عسيرا، وعبر متاهات لا يجيد غير السكان الأصليين معرفة معالمها المتحركة، وأي نوع من وسائط النقل المائية يستعمل هنا أو هناك، حسب عمق المياه، وضيق أو سعة الممرات المائية.
الزوارق: هي سيدة الموقف في عالم الاهوار، وواسطة النقل الوحيدة، بأنواعها المختلفة في هذه البقعة المائية الواسعة، لما تتميز به من سرعة الانطلاق، وهيكلها الانسيابي الذي يشبه إلى حد بعيد هيكل اسماك الشبوط، قبل ان تتعرف هذه الزوارق على المحركات التي زادت من سرعتها، وجعلتها تشق عباب الماء، وتقطع مسافات تصل إلى مئات الأميال، في هذه المسطحات المائية. وقد اشتهر العراق قبل غيره، ومنذ زمن بعيد، بصناعة الزوارق، وخاصة في الجنوب، حيث تمتد أهوار العمارة والناصرية والجبايش، والمدن التي تقع عند ضفاف تلك الاهوار، كالمجر الكبير والميمونة والمشرح، والتي ازدهرت فيها هذه الصناعة بشكل خاص. ومن ابرز الطوائف التي اشتهرت بصناعة الزوارق الرشيقة والسريعة »المشاحيف»، الصابئة المندائيون، الذين يقطنون على حافات الأنهر، وهم محترفون لهذه الصناعة.
صناعة الورق:
يقول سعد دايش زامل - 45 عاما -: «ان مستلزمات صناعة الزورق تتوقف على نوعية الخشب الذي يعد المادة الرئيسة في صناعته، إذ تستخدم الأخشاب المحلية، مثل خشب الصاج وأخشاب شجر التوت والسدر، التي تمتاز بصلابتها ومقاومتها للصدمات، حين يسحب الزورق على ضفاف النهر، قبل ان يصل إلى المياه». ويضيف: يتم اعتماد الألواح الطويلة، التي تمثل الهيكل الأساسي للزورق، لغرض عمل «العطفات» المقوسة التي تشبه القفص الصدري للإنسان، ثم يتم بعدها ملء الفراغات في هذا الهيكل بالخشب، وتسمى العملية «المداواة»، إذ يتم عمل الخشب بشكل مستوٍ، ثم تتم عملية وضع مادة القار على ظهر الزورق، وتسويته وتغطيته بالكامل، لسد الفراغات الموجودة بهدف منع تسرب المياه.
ويتابع: ان الزوارق أنواع، ولكل نوع مهمة في الهور، من حيث السرعة والحمولة وطبيعة المنطقة التي يستخدم فيها، ومنها «الماطور» وهو زورق صغير طوله 7 أذرع وعرضه ذراع واحد، ويقل العرض تدريجيا حتى يصبح بحدود الشبر في طرفي الزورق». ويوضح: هذا النوع من الزوارق يستعمله سكان الاهوار لصيد الطيور فقط، ويتسع لشخص واحد مع بندقيته التي يستعملها في الصيد، ويصبغ أحيانا باللون الأبيض، ويسيّر بالغرّافة، أو المجداف، وأثناء مشاهدة الصياد للطيور في مكان قريب، يبدأ الغرف بيده، بعد ان يطرح بالغرّافة جانباً، لكي لا يحدث صوتا يخيف الطيور.
المشحوف والطرادة:
أما «المشحوف»، والكلام لا يزال لزامل، فهو زورق صغير طوله 9 أذرع وعرضه ذراعان، يستعمله سكان الاهوار لنقل الحشيش إلى حيواناتهم أو الانتقال من مكان إلى آخر، ويسير عادة بـ «المردي» أو «الغرّافة»، ويتسع لأربعة أشخاص، وهو على نوعين، الاعتيادي، والذي يركّب عليه «محرك»، ويطلق عليه «الشختورة».
ويوضح: ان «الطرّادة» تكون أطول من المشحوف، وتصنع من ألواح خفيفة من الخشب، وتستعمل في صيد السمك، والطيور أيضا، كما يستعملها السكان في الأعراس، وتسير عادة بـ «المردي»، أو «الغرافة»، أما «البلم» فهو زورق كبير يبلغ طوله 20 ذراعاً، ويستعمل لنقل الشلب «الرز»، ويسيّره عدة أشخاص».
أنت تقرأ
كـوكـب العـراق❤
Non-Fiction◆هوَ العراق..سَليلُ المَجدِ والحَسَبِ ◆هوَ الذي كلُّ مَن فيهِ حَفيدُ نَبي ! ◆كأنَّما كبرياءُ الأرض ِأجمَعِها ◆تُنْمَى إليهِ ، فَما فيها سِواهُ أبي ! ◆هوَ العراقُ ، فَقُلْ لِلدائراتِ قِفي ◆شاخَ الزَّمانُ جَميعا ًوالعراقُ صَبي ! 💭 " رغم كل مامر ويمر...