اقف اسفل السماء لا يفصلنا شيء سوا تلك المساحة المذهلة،اقف اسفل غطاء وثير اسود اللون بينما انظر للمرة الاولى للمجرة من فوقي.
توقف الزمن بي تماما،الحُلم الذي اردته دوما يتحقق الآن و كأني لوهلة انفصلت عن هذا العالم اقف في تلك الصحراء الصامتة تحاوطُني جبال تكاد تلامس سمائي المنير بالأضوية الليلية البديعة
و يزين قمم الجبال انوار حمراء كالسنة اللهب تهدي المضل و ترشد التائه،وسط كل هذا اقف انا
انا الذي لا يكاد يُرى وسط كل هذا الجمال العذب
وسط بكورة العالم الاول قبل آلالاف السنون
اتطلع للنجوم الظاهرة في كبرياء، الشهب التي تعدو امامي كعدو خيل عربي اصيل في سباقه الاول.
السماء المنيرة بالسنة اللهب الزرقاء و البنفسجية
الفراش الوثير الذي تسكنه تلك النجوم
كانت هذه هي النهاية،النهاية العادلة التي اردتُها.
-----------
هل تعلم يا بني مما تكونت النجوم؟!
نظر لها الطفل الصغير باعين كرستالية شغوفة بينما يمسك بدفتره الذي حوى رسومات عشوائية للنجوم في السماء
"النجوم كانت في الماضي اشياء بداخلنا،لكن الانسان كان سيئا للغاية،كان يرفض تلك النجوم لانها مظلمة و كان الانسان كلما عاش اكثر اخرج النجوم من جسده و القاها في المحيط، لكن النجوم لم تستطع العوم لذا غرقت جميعها في قاع الماء
هل تعلم ماذا حدث بعد ذلك؟!"
نظر الفتى لامه يقتله الشغف ليعلم تاريخ نجومه
ابتسمت الام و اردفت
"كانت هناك حورية بحر لديها قوى سحرية،لكن بسبب قواها لعنها البحر و لم تستطع مطلقا ان تاكل اي شيء منه."
في يوم وجدت شيء اسود يلمع في قاع المحيط و عندما اقتربت منه كانت تلك هي النجوم الصغيرة تبكي من الخوف لانها لا تستطيع السباحه
كانت النجوم مظلمة لكنها كانت تضيء فقط عندنا تبكي.
لذا اتفقت الحورية مع النجوم اتفاقا سريا عن البحر
قالت الحورية
"ايتها النجوم الخائفة،ستعطيني دموعك لآكلها عندها ساستخدم قوتي و اجلعك تخرجي لمكان اخر لن تشعري هناك بالوحدة او الخوف، سيندم هذا الانسان انه نزعك من داخله لانكِ مظلمة،ساجعلك منيرة دائما
ان ساعدتني و تركتي لي دموعك"
و هكذا تم الاتفاق، اصبحت الحورية ترى النجوم المظلمة الخائفة عندما تبكي، و بعد تناول دموع النجوم تقوم بتحويلهم بقواها العظيمة الى السماء بينما تقبل كل نجمة قبلة تجعلها منيرة للابد
"ايتها النجوم،شكرا لكِ انيري للابد،و ليندم هذا الانسان انه تخلص منكِ يوما"
و هكذا اصبحت النجوم موجودة في السماء يا صغيري"
-اين ذهبت الحورية الساحرة يا امي؟
بعدما انتهى الانسان من نزع كل النجوم السوداء بداخله ظن انه اصبح قويا بدونها، الا ان تلك النجوم السوداء تركت مكانا فارغا في الانسان و كاد الانسان يموت بدون النجوم لذا بحث الانسان عن الحورية الساحرة و توسل لها ان تطفيء النجوم و تعيدها سوداء بداخله ليعيش،لكن الحورية رفضت هذا و جعلت لعنة الانسان طوال حياته ان يحب تلك النجوم المضئية و لا يملكها مطلقا و ان يتألم طوال حياته بالثقوب الفارغه فيه.
-ما هي تلك الثقوب؟
-انها الخوف
،لذا كل نجمة في السماء تساوي خوف في الانسان
لكن النجوم اضاءت للابد،بينما الخوف ظل مظلم بداخلنا
كانت الكلمة الاخيرة التي قالتها الحورية للانسان قبل ان تموت
"كلما زاد الخوف بداخلك،رايت نجوما اكثر في السماء!"النهاية