ماري كيلير

145 0 0
                                    

أهلي أجبروني أروح حفلة التخرُج
والدي قال : " هنري .. إنت الطالب الجديد في المدرسة .. لازم تروح و تظهر و تشارك عشان تقدر تكوِّن صداقات "
بصيت لوالدتي و كانت بتهز راسها في موافقة علي كلامه ، مكانش أدامي مفر ، قُمت لبست بدلتي كاملة و أنا حاسِس بالضيق ، و رُحت حفلة التخرُج لوحدي
وصلت و سامع صوت الموسيقي عالي
صوت الموسيقي بيخترق وداني ، الكُرات المُضيئة الملونة بتلمَع و هي متعلقة في السقف ، و حلبة الرقص مليانة بثًنائيات بيرقصوا سوا في إستمتاع
عديت من وسطهم كُلهم و أنا باصص في الأرض ، قعدت علي ترابيزة بعيدة في ركن من أركان القاعة ، فضلت قاعد لوحدي ، لحَد ما سمعت صوت رقيق بيقول : " بعد إذنك .. "
بصيت علي مصدر الصوت
كانت بنت جميلة جدًا ، لكن عُمري ما شُفتها قبل كدا ، عينيها لونها بني غامق و شعرها أسود و طويل ، لابسة فستان لونه بنفسجي طويل و شكله حلو جدًا ، أكيد جاية مع حد في موعد أو حتي جاية من مدرسة تانية تحضر حفل التخرج بتاعنا
قاطعت تسلسل أفكاري و هي بتسأل بلُطف : " تحب ترقص معايا ؟ "
قبل ما أسيطر علي مشاعري سألتها بدهشة و لهفة : " بجد ؟ "
ضحكت من قلبها و هي بتقول : " آه .. بجد "
مسكت إيدي و مشيت وراها لحَد مُنتصف حلبة الرقص ، لفت إيديها علي رقبتي و بصتلي ، كُنت واقف مكاني مش قادر أتحرك من الدهشة
قالتلي بهمس ضاحك : " إنت المفروض تلف إيدك علي وسطي "
حسيت بالإحراج و أنا بقول : " أنا .. أنا عارف دا "
ضحكت و قالت : " طب يلّا "
ضحكت و أنا بلف إيدي علي وسطها بتوتر
قالتلي : " بالمُناسبة .. أنا ماري .. ماري كيلير "
" أنا هنري "
لمحت حركة خافتة علي يميني فبصيت ، المراية اللي في آخر القاعة بتعكس صور اللي بيرقصوا كُلهم ، لكن لمّا عيني جت علي إنعكاسنا ، قلبي كان هيقف من الخوف ، في المراية شُفت نفسي برقص بس إيدي ملفوفة علي الهوا !
ماري مكانش ليها إنعكاس !
.
"هنري ؟ "
بصيت لها بخوف و أنا بقولها : " آسـ .. آسف "
بصيت تاني للمراية و قلبي هيقف من كُتر الخوف ، لكن الإنعكاس المرة دي كان طبيعي جدًا ، كُنت برقص معاها عادي جدًا ، سألتني : " بتحب الموسيقي ؟ "
ضحكت و أنا بقولها : " لا .. خالص "
ضحكت و هي بتقول : " أنا كمان مبحبهاش "
رقصنا مع بعض لمُدة تقريبًا نُص ساعة ، أخيرًا قررنا نرتاح شوية ، قالت و هي بتضحك : " مبسوطة إني هنا .. تعرف .. أنا مجيتش هنا من السنة اللي فاتت "
سألتها : " ليه ؟ "
إبتسمت إبتسامة حزينة من غير ما تُرد
قررت ما أضغطش عليها و أسيبها براحتها ، بصيت علي حلبة الرقص ، أغلب الناس بتبص عليا و بيضحكوا ، عشان أنا الطالب الجديد بيسخروا مني ، بس فيه حاجة مش فاهمها
قُلتلها : " أنا مش فاهم "
" إيه ؟ "
" أنا قاعد مع أجمل بنت في المدرسة و رغم كدا محدش مُهتم بينا ؟ "
ضحكت و وشها بيحمَر من الكسوف قبل ما تقول : " أنا مش إجتماعية "
" و لا أنا شخص إجتماعي "
.
إتكلمنا كتير و ضحكنا كتير ، في النهاية الزحام بدأ يخف و الناس بدأت تمشي و أضواء القاعة بدأت تتقفل ، سألتها : " تحبي أوصلك ؟ "
هزت راسها بالإيجاب
مشيت و هي ماشية ورايا ، المطر مغرق الدنيا ، العُشب بتاع الحديقة تحول لمٌستنقعات طينية ، قُلت بصوت عالي عشان صوت المطر كان أعلي : " إركبي العربية "
ركبت و قفلت الباب وراها و لفيت عشان أركب من الكُرسي بتاعي ، بصيتلها ، شعرها مُصفف بعناية و فُستانها جاف ، مفيش عليها و لا نقطة مياه ، مفيش طين علي حذائها ، سألتها بدهشة : " إزاي عملتي كدا ؟ "
حست بالتوتر و هي بتقول : " كُنت محظوظة بس مش أكتر "
قبل ما أكمِّل كلامي باستني في خدي ، إبتسمت و أنا حاسس بقلبي بيدق جدًا ، شكرتني و هي بتبتسم
مشيت بالعربية عشان أوصلها للعنوان اللي قالت عليه ، كانت ساكتة بشكل غريب ، كانت مٌبتسمة بلُطف ، سألتها : " إنتي كويسة ؟ "
هزت راسها بالنفي من غير ما ترُد
سألتها تاني : " مالك ؟ "
شاورت علي حاجة ، بصيت عشان أشوف بتشاور علي إيه ، أدامي و علي شاطيء النهر كان واقف سيارات شُرطة و ونش كبير بيطلع سيارة غرقت في النهر ، الإسعاف مستني في تحفُز ، شهقت بقوة و أنا بتابع السيارة ، جُثة فتاة شابة كانت مرمية جوا السيارة و شظايا زجاج داخلة في رقبتها ، بصيت لها بسُرعة و أنا بسألها : " "ماري .. شايفة الحادثـ .... "
الكُرسي اللي جنبي كان فاضي ..
صرخت بخوف و أنا بدوّر في الكُرسي اللي ورا : " ماري ؟ .. إنتي فين ؟ "
لكن ماري .. كانت إختفت تمامًا
حسيت بالحيرة لكن لما بصيت علي الحادثة تاني كانت إختفت تمامًا ، كُل حاجة إختفت إلا حاجة واحدة بس
لافتة متعلقة علي واحدة من الشجر
مكتوب عليها : " سوق بحرص .. تخليدًا لذكرى ماري كيلير "

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 03, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ماري كيلير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن