السفرة المشؤومة

6 1 0
                                    

اليوم27 جويليةعلى الساعة الثانية ليلا عاد من سفره المشؤوم دخل البيت وجدني بإنتظاره واطفاله نائمون ،سلم كمن يسلم من كان مع الشخص قبل لحظات ،سلام بارد يسوده الجفاف، بالكاد لامس خده خدي ثم انصرف يغير ملابسه سئلني عن صغيرته لكني لم المس الشوق في سؤاله ،فتحججت لنفسي المكسورة بالنيابة عنه بأنه متعب من وعثاء سفر طويل ،تركته لينام وحمدت الله على رجوعه سالما إلينا ولما غط في نومه العميق اقتربت منه رغم غضبي الشديد منه ورغم انكسار نفسي ووضعت يده حولي وحشرت بجسدي الهزيل كما لم أفعل من قبل في احظانه كأنه هو من يحتظنني حتى اطفىء لهيب شوقي له وفي الحقيقة لم تكن حاجتي له جنسية أكثر من كونها عاطفية أم بالأحرى حاجة احتواء فلم اكن ليلتها لاريده ان يعاشرني معاشرة الأزواج اكثر مما كانت رغبتي به بأن يطمأنني بانه عاد وبانه بجانبي الآن ،بأنه هو من سيتحمل عني اعباء الحياة التي ارهقتني احمالها ، اردت ان احس باني في كنف رجل مسؤول وبصريح العبارة اردت ان اشعر بقوامته معي ومع عائلتنا الصغيرة فانا ورغم قوتي بغيابه لم اكن سوى هرة صغيرة ترتدي قناع اسد ضرغام تنتظر ادنى الفرص لتعود لطبيعتها تموء وتلعب بكرات الخيط ،تقنعت بقناع الاسد لما تأخر زوجي في سفره المشؤوم فأنا لم اشء ان أظهر ضعفي لأحد ولا حتى لأقرب الناس لي من جهة ومن جهة أخرى لم أرغب بأن أظهر زوجي بصورة الزوج المهمل إلا انني فشلت في النقطة الأخيرة وليس فشلي راجع لنقص مني ولا تقصير ولا حتى وهن في قوتي المصطنعة ولكن ماكنت اريد ان أداريه اصعب من أن يقدر عليه قناعي المزيف فغياب زوجي قد طال والأعذار التي أختلقها لم تعد لها مصداقية ،فأي زوج يترك زوجته الصغيرة الجميلةمدة الشهرين وحيدة مع صغيرتها ذات الثلاث سنوات في مجتمع لا يرحم لا من فعل ولا من قول ،فإن سلمت من إعتداء الغرباء على منزلي لم أسلم من ألسنت جيراني بل حتى من الكلام الجارح من اقرباءه واقربائي،اين زوجك ،لم لم يأخذك معه ،ذهب للمتعة وترك لك الشقاء ،اانتي المرأة وأنتي الرجل ،والأدهى والأمر انهم كانو يتفوهون بما أحس به قلبي وعجز عن ذكره لساني (زوجك لا يحبك ) طبعا يقولون ذلك فمن ذا الذي يغيب عن حبيبته ،من ذا الذي يهون عليه شقاء حبيبته ،من ذا الذي لا يكترث لمرضها ويسافر لللهو و المرح ، طبعا ليس هناك من يفعل ذلك غير من لا يحب ولا يكترث.
نهضت باكرا حضرت القهوة لزوجي العائد من سفره ورغم غضبي الشديد إلا ان حبي له غلبني وايقظته بإبتسامة برييئة ،استيقظ وتناولنا فطورنا سوية بعد لحطات استيقظت صغيرتي واسرعت لحظني خائفة مستغربة فعانقتني ولم تفلتني للحظة ،استنفر والدها فعلتها إلا انني نبهته بحدة إلى غيابه الطويل وإلى انها صغيرة وقد اعتادت غيابه وتعودت على تواجدنا بمفردنا بالمنزل كله ، تدارك نفسه وأحسست بأنه ادرك خطاءه إلا أنه لم يصرح وعلى اثر مافعلته به صغيرته تطرقت إلى موضوع غيابه المطول وإلى ما آل إليه حالنا وحتى انني تجرأت وسألته ان كانت له إمرأة في حياته فمن يغيب كما غاب إلا وتكون له زوجة ثانية أو حتى عشيقة يأوي إليها ليقضي وطره فمدة الشهرين ليست بالشئ الهين على الرجل حتى يغيبها على زوجته ،إلى ان زوجي قد قاطعني بغضب ممزوج بضحك واستهزاء بفكرتي وكلامي ،فهو قد انكر ان تكون له إمرأة أخرى من دوني في حياته بل حتى انه يستحيل ان يفكر بذلك وصراحة لا أدري لماذا احسست أنه صادق في كلامه ،لكن رأسي يكاد ينفجر من التفكير ، لماذا سافر وتركني لمدة طويلة متحجج بأنها مسألة عمل وبالمناسبة هذه لم تكن المرة الأولى ولكنها كانت النقطة التي أفاضت الكأس بالنسبة لي، ومن جهة أخرى افكر بأنني جهزت نفسي لفكرة الطلاق ،ففي فترة غيابه درست اموري جيدا من الناحية المادية والمعنوية وهيأة نفسي للطلاق وحتى اني عزمت امري عليه وكنت انتظر فقط رجوعه لاواجهه وأنسحب من معركتي بهدوء .
خرج زوجي كعادته حتى دون أن اكمل نقاشي معه فهو صعب بطبعه و عنيد ولا يولي اهمية إلا لما يريده هو فقط .
في اليوم الثاني من عودته استيقظت وايقظت بنيتي بهدوء حممتها وغيرت ملابسها وخرجنا من المنزل دون أن يشعر مررت ببيت جدتي سلمت عليها وتناولنا معها وجبة الإفطار ثم تركت عندها ابنتي لحين عودتي من العمل ،وهناك جلست مع نفسي جيدا بعيدا عن أركان البيت ،فكل ركن فيه يأجج في نفسي ذكرى وعاطفة ، فأنا الآن اود أن أرتب أفكاري وأتخذ قراري النهائي بعيدا عن العاطفة ،اخذت ورقة وقلم حتى تتضح لي الرؤية جيدا وكتبت ايجابيات زوجي على شكل عامود وسلبياته في عامود آخر و اخذت أقارن وأوازن ما يعجبني فيه وما لا يعجبني ، ما استطيع احتماله وما لا أستطيع ، ما يعيبه ومايجيد فعله وهكذا حتى وجدت ان ورقتي قد ملأت على آخر سطر فيها ومن ذلك المنطلق رتبت اولويات وحزمت امري وقررت ان أذهب إليه وأحد في نبرتي معه وفرضت لنفسي شخصية حادة حينها ( فلم يكن ليعطي لكلامي اهمية لولا اني فعلت ذلك) وكان ما أردت واستسلم لي لما لمس مني الجدية في القول وجلس يستمع لي دون الخشونة التي عهدتها منه بدأت كلامي كالتالي :" رابح انا أود الطلاق وقد رتبت اموري كلها من مسكن واجراءات ادارية و كل شئ وحتى اني انوي ان نتطلق بالتراضي او حتى الخلع، لولا ان تمسكني انت بإحسان " فقاطعني بهدوء على غير عادته وهذه المرة احسست انه لمس الجد في كلامي وأحس بقرب نهاية علاقتنا "اتعلمين يا سعيدة اني لا أستسيغ فكرة العيش بدونك او بدون ملاك صغيرتي الغالية، رغم ابتعادي عنك من فترة إلى أخرى ،أتعلمين أنك الشخص الوحيد الذي أحس بالأمان بجانبه " ثم اراد الإسترسال في كلامه إلا أنني لم أرد أن أضعف وأردت أن أسرد عليه شروطي في حين عرفت أنه يريدني ،وكان أول شروطي وهو الأمان ،فالأمان بالنسبة لي هو أن نكون معا نبقى معا أو نسافر معا وهو ما وعدني به حالفا برب الناس ،اما الشرط الثاني فكان القوامة فأنا كنت أتكلف بجميع أعباء الحياة اسدد ديون السكن ، ادفع لمربية ملاك ،أخذها إليهاو أعيدها ، أخرج إلى السوق ،أخرج القمامة ، اشتري البقالة واستكلف بكل مايلزم البيت سواء بداخله أوبخارجه ،فأنا الأن لم اعد أر غب بالقيام بذلك وأريده هو من يهتم بي وبمصاريفي ومستلزمات البيت من صيانة و ذهاب للسوق وما إلى ذلك وما عليا إلا الطبخ والتنظيف وماتقوم به المرأة عادة.
هذه المرة كانت نبرته مختلفة و تميل إلى الحدة بعض الشيء اذ قاطعني مصرح انه أنا من كنت السباقة إلى فعل كل تلك الامور وحتى انه كان يشعر في بادئ الأمر انني كنت أنافسه في تحمل المسؤولية ولكن مع الوقت استسلم لرغبتي في تحمل تلك المسؤولية غير انه لم ينكر ايضا انه أخطاء حين لم يردعني عن تحملها و أنه هو من كان يجب أن فوز بالرهان في تحمل مسؤولية بيته ،وهذه المرة أخذت الكلمة بهدوء وقلت له دعني املي عليك باقي شروطي ولك الحق في مناقشتها أو حتى رفضها كما لي الحق في استكمال إجراءات قراري في حالة الرفض ،وقلت له وكلي خوف من خذش مشاعره وحياء منه، أريد حقي الشرعي كزوجة ،فرد قائل متى منعت عنكي نقودي او بطاقاتي ...تبسمت بخجل ورددت لا أقصد ذلك الجانب ،واحمرت وجنتاي من شدة الخجل فأنا ورغم مرور 5 سنوات على زواجي منه لم أعتد أن أقول له ذلك وحتى أني أخجل و أنسحب من مجالس النسوة لدى حديثهن عن هذا الجانب وكأني طفلة صغيرة ، فانفجر بالضحك وقال وأنا الذي حسبت أن زوجتي تعاني من البرود ... وبعدها صارحني هو بدوره أنه يريد أن أبادره بالكلام الرومنسي بدوري ايضا وأن أنزع عني ثوب القوة والخشونة الذي أرتديه منذ لقاءي به وأستبدله بثوب يليق بحسناء مثلي (على حد قوله ) ثوب مزركش باالحب مرصع بأعذب كلمات الغزل ثوب منسوج من حرير يعزف موسيقى الرومنسية لدى انسداله على قوامي الممشوقً.
زوجي تأثر كثيرا بقولي وأخد يتكلم بخفة و بهجة ، رأيت في عينه بريق لم أره فيهم منذ سنوات او بالأحرى منذ زواجنا ،، أحسست زوجي فرح كفرحة الطفل لدى استعادة لعبته التي غابت عنه منذ مدة حتى ظن أن لن يجدها ثانية ،زوجي لم يستطع منع لسان من الكلام أو حتى التريث ، كلامه شعر وغزل وحت مجن ، لربما لم أره بهذه السعادة قط، تأملته مطولا ثم تأملت نفسي وعدت بذاكرتي إلى الوراء ، يا إلاهي ماذا فعلت ، انا من كسرت زوجي وكنت أظن انه هو من كسرني ، أنا من ظلمته سنين طوال وجئت لألومه على فتيرات راحة كان يأخذها من عذابي، أنا من قصرت بحقه وهدمت رجولته زوجي كان يريدني حوريته الرقيقة ، جميلته الفاتنة ،حبيبته العاشقة وأنا بدل ذلك. ولسداجتي لبست له لباس القوة وحملت عن كاهله أثقل المسؤوليات و كنت له رجل بدل امرأة وجردته من كل ما يمكن أن يتميز به عني وحرمته من شروط القوامة وجعلته يفر مني إلى اللا ملجاء و إلى البرود والجفاء ثم عدت بعد ذلك ابحث فيه عن القوامة، استفقت من ذكرياتي واسترجاعي لماضي على تغزله بي وعلى شكره لي انني بحت له بما يخالجني و بحاجتي له كزوج من جميع النواحي . حمدت ربي مطولا على الازمة التي أذخلني فيها فهي كانت سببا في استدراكي لنفسي حقا رب ضارة نافعة فلولا أن هجرني زوجي لما كنت وصلت إلى ما وصلت إليه الأن.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 11, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

يحبني ولكنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن