يَركضُ في الشارعِ كانَّهُ مجرمٌ تُلاحِقهُ الشُّرطَه ودموعهُ الحارِقَه تنزلقُ بسهولةٍ على وجنتيهُ المُتجمدتان،
لَا يملكُ الوَقتَ حَتى ليعتذرَ للأشخاصِ الذينَ اصطدَم بِهم فَعقلهُ في مكانٍ آخر،وصلَ لمحطةِ القِطارِ أَخيرَاً لكن كلُّ ما وجدهُ كانَ سِكَّةً فارِغه وهدوءٌ تَام..
سقطتْ حَقيبتهُ من يدهِ ليجثُو أمامَ السِكةِ الفارِغَه، القِطارُ فَاتَهُ بالفِعل، كما فَاتَتهُ اشياءٌ كَثيرةٌ..
دُموعهُ تأبَى التوقفَ وكأنَّها تتوقُ لتبليلِ وجنتيهِ، وشَهقاتهُ يَشعرُ بِها كالسَكاكينِ تُجَرِّحُ حُنجَرته..
وبسببِ إنشغالِ عقلهِ لَم يلحَظ بُنيةَ الشَابِ بِجانِبه، يَبدو انَّ القِطارَ قَد فاتَهُ أيضَاً..
لكنَّهُ لَم يكُن مُهتماً بالأمرِ أبداً! لَقد فاتهُ القِطار كيفَ سيذهبُ لبوسَان الآن؟
"الهي ساعِدني كيفَ سأصلُ لبوسَان الآن؟"
بصوتٍ ضَعيفٍ باكِي تمتمَ معَ نفسِه، لا يَهمهُ إذا رأوهُ الناسُ وهوَ على هذهِ الحالَه رُغمَ إحتماليةِ مجيءِ ايِّ احدٍ هُنا الآن شبهُ مُستحيله -ما عدا هذا الشاب- لكن لا يهُم! اهمُّ شيءٍ ان يَصِلَ لبوسَان بسرعه!
لكنَّ القِطارُ قَد فاتَه بالفِعل، والوَقتُ مُتأخرٌ جِدَّاً ويستحيلُ ان يجدَ سيارةَ اُجرةٍ الآن والثلوجُ مَلأتِ الشوارِعَ فأضحَتْ مَبسوطَةً بالكِريستالاتِ البَيضاء،
بدأَ يشعرُ بالبُرودَةِ تأكُل أطرَافَه، ليتسقيمَ من الأرض، ولأولِ مرَّةِ رأى ملامِحَ الشَابِ الشارِد أمامَه.
ملامحهُ جميلةٌ جِدَّاً، يُحدقُ في الفراغِ وكأنَّهُ اهمُّ شيء في الحَياة، أنفهُ ووجنتيهِ تَصبّغوا باللونِ الأحمَر الفاتِر من البَردِ الشَديد،
"عُـ-عُذراً اتعلَمُ اينَ هيَ محطةُ القِطارِ التالِيه؟"
سألَهُ ولا يزالُ صوتهُ كمن بَكى لِسنواتٍ عديده دونّ توقف،
"المحطةُ التاليةُ بعيدةٌ جِدَّاً، رُبَّما نصلُ مع شروقِ الشَمس"
اجابَ بصوتِهِ الناعِم لتتجمدَ تعابيرُ الآخر وهطلتْ دُموعهُ بغزارةٍ اكبَر.
ارتجَفت شفتيهِ ولا يعلمُ ان كانَ بسببِ البَردِ ام البُكاء ليمسكَ يدَ الآخر بجانبه يعتصرها بقوةٍ دونَ وعييٍ مِنه.
"ارجوكَ، ارجوكَ اريدُ الذهابَ لبوسَان ارجوك"
هو لا يعلمُ لما يترجَاهُ أصلاً، كيفَ سُيساعدهُ؟

أنت تقرأ
قِـطَـارٌ | جِيكُوك وَنْشُوت. ✓
Short Storyتلكَ النِّهايةُ كاَنتْ حَتمًا بدايةً لشيءٍ مَا. _ جِيكُوك وَنشُوت. [ مُكتَمِلٌ ]