قصه ترفع الهمه لمن عزم حفظ القران

23 3 1
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

" آآه.. إنها أيام لا توصف.. كانت والله جنة ! قضينا فيها شهرين من عمرنا مرت كأسرع ما يكون!! "

هكذا بدأت حديثها..

حديثي هذا كان مع واحدة كانت من عشرين فتاة.. حفظن كتاب الله كاملاً في شهرين فقط !!

تعجبت منها !

بادرتها:

أي قدرة على الحفظ حباك ربي؟!!

فردت:

ليس الأمر قدرة خارقة ! بل نحن فتيات عاديات... دعيني أحدثك عن تلك الأيام......

.........

كان الدوام في الدار ستة أيام في الأسبوع، من الساعة 9 صباحًا إلى 5 عصرًا، تتخللها استراحات للغداء والصلاة، يتم فيها حفظ 12 وجه في اليوم..

مهلاً لا تتعجبين!!..

والله في أولى الأيام كنا نجد صعوبة شديدة، وكثير منا فكر بالانسحاب، ولكن كنا نشجع بعضنا بعضًا وكذلك أستاذاتنا كن يشجعننا، في أولى الأيام كنا نعود إلى بيوتنا ولم نتم الحفظ بعد، بل نكمل وجه أو وجهين في المنزل، أما بعد عدة أيام من المجاهدة أصبحنا والله كثيرًا ماننهي حفظنا الساعة الواحدة أو الثانية ظهرًا.. وهذا كله من تيسير الله وتوفيقه.. والله لو وكلنا لأنفسنا ما حفظنا ما حفظناه.. إنما هو فضله وتوفيقه..

أولى الأيام كانت جهاد.. آخر الأيام كانت لذة..مكافأة من رب شكور كريم.. سبحان الله.. وكأن الله يريد أن يختبرنا ويرى من التي ستثبت، ثم يوم أن ثبتنا بفضله عجّل لنا مكافأة في الدنيا بأن ذقنا لذة والله ما ذقنا مثلها قط!!

هنا فهمت معنى قول أحد السلف أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة!!

هنا استشعرت معانٍ كنت أرددها ولا أفقه معناها.. حب الله.. الأنس بالله .. لذة مناجاة الله..

كنت إذا كسلت أو أحسست بيأس أتذكر قول الحبيب صلى الله عليه وسلم:"أرحنا بها يا بلال" فأتوجه لمصلاي.. أناجي مولاي.. أشكو له حالي..

كان لقضائنا مع كتاب الله جلّ يومنا أثر عجيب في سائر حياتنا.. في صلاتنا.. قلوبنا.. علاقتنا ببارئنا.. تفكيرنا.. طموحنا.. هممنا.. بل في برنامج حياتنا كله!!

ثم ماذا أقول عن تلك الصحبة الرائعة اللاتي عشت معهن.. كنا نتابع بعضنا في الحفظ والمراجعة.. فإن تكاسلت إحدانا أو ضعفت دفعتها أخواتها.. كنا نجلس ونتذاكر سويًا بعد أن ننهي الحفظ.. كم تعلمنا من بعضنا.. ما أروع تلك الأخوة!!

كنت دائمًا أسعى للتغيير.. هذه الدورة دفعتني خطوات نحو شخصية أفضل بإذن الله..

سبحان الله.. تعلمت في هذين الشهرين ما لم أكن لأتعلمه في سنين!!

تعلمت أن أستغل الوقت.. في كثير من الأحيان كانت 10 دقائق أو ربع ساعة كافية لحفظ وجه.. ليس لأن لدينا قدرات خارقة!! إنما هو تيسير الرب الكريم.. الذي إن رأى منا إقبالاً يسر لنا وشرح صدورنا ووفقنا وبارك في أوقاتنا وإن قلت!!

تعلمت أن بلوغ المعالي لا يتم إلا بجهاد وتعب.. وحصول الغنائم لا يتم إلا بقتال!!

تعلمت أن أربي نفسي.. نعم.. كانت هذه الدورة رحلة لتربية النفس.. في أولى الأيام كثيرًا ما كنت أضعف وأكسل.. أتذكر الزيارات والسفر.. كنا ننتظر الإجازة لنروّح عن أنفسنا.. كثيرًا ما كنت أود أن أعود إلى المنزل ولكن لا مفر!! لابد أن أسمّع لأستاذتي.. فتعملت أن أكره نفسي على ما ينفعها.. وكان لهذا أثر عميق في تهذيبي.. ما زلت ألمس آثاره حتى الآن في دراستي.. وأصبحت بعد عدة أيام أستلذ بالقرآن لذة أنستني الزيارات والرحلات.. بل أصبحت أتضايق إن اضطررت لها..

تعلمت أن أتأمل وأتفكر في الحياة من حولي.. كيف لا وقد عشت مع نبع مليء بالحكم والمواعظ والعبر شهرين كاملين.. هذه الدورة جعلتني أرتقي بفكري عاليًا.. أصبحت أتأمل كل موقف وإن كان مؤلمًا وأحاول أن أستنبط منه فائدة أو درس يفيدني..

عندما أتذكر حياتي السابقة أشعر بحزن شديد.. يا إلهي.. أين كنا عن هذه الجنة؟!!

والله إني لأقرأ آيات وكأني أقرأها أول مرة.. ولعلي قد حفظتها من قبل.. ربما الأجواء التي عشناها ساعدتنا على تأمل الآيات أكثر..

أشعر أن القرآن نور يضيء طريقي.. مهما تاه الناس وضلوا.. نوري وجنتي في صدري..

.......

إلى هنا.. كان حديثها كافيًا لإثارة الشوق في نفسي.. لحفظ كتاب الله والعيش في ظله...

سألتها... إذن... كيف كان شعورك حين أنهيتِ حفظ آخر سورة؟؟؟

سكتت برهة.. ثم قالت:

لا أستطيع!!

لا أجد كلمات أصف بها مشاعري في تلك اللحظة!!

لن يشعر بها إلا من عاشاها!!

تخيلي معي الموقف.. عشرون طالبة قضوا مع بعضهن البعض شهرين كاملين يرددون آيات الله آناء الليل والنهار.. والآن ها قد اقتربت الخطوة الأخيرة.. اجتمعت الأخوات في مصلى الدار.. يقرأون آخر سور جزء عم..

خلاااااص.. ذهب التعب!! ذهب السهر!!

والآن النتيجة..!

أخذوايتلون السور.. ما أعذب تلك الأصوات وهي تردد آيات الله..

إلى أن وصلوا.. (قل هو الله أحد) ثم (قل أعوذ برب الفلق) ثم (قل أعوذ برب الناس)

إلى....( من الجنة والناس)..

الله أكبر!!

ثم خرّوا سجدًا لله شكرًا على نعمائه..

ضجّ المصلى بالأنين والبكاء.. يناجون بارئهم..

رباه.. أحقًا تحقق الحلم.. رباه.. منذ سنين ونحن نسعى لختم كتابك ما ختمناه والآن يسرته لنا في شهرين فقط!! رباه.. كيف لنا بشكر نعمائك؟!! رباه.. أتراك قبلت منا؟!..

وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 08, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حفظ القرآن الكريمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن