الفصل الأول

864 28 5
                                    


" ك "مطبٍ" اعترض طريق "سيارة العمر" -التى تعدو بسرعة تتزايد يوماً بعد يوم، و كما تتسرب أيامه من بين أيدينا تماماً- اعترضت هى طريقى .. لكنها كانت "مطبٍ ناعم" زلت فيه "سيارتي" حتى انحدرت لهوة سحيقة .. هوة تُدعى "غراماً بالقسر" .. فهل ملكت أنا إلا الإنصياع -مرغماً- لما أراده القدر يا ترى ..؟!"
"سراج" ..
===
"عواصف الخريف هذا العام كان بمثابة إذنٍ لعواصف عالمى أن تبدأ .. عبثاً حاولت تفادى سقوط أوراقى.. لكنها سقطت فى النهاية !! 
ك "ملاكٍ حارس" وجدتك .. ك "شربة ماء" وسط جديب روحى المقفر .. ك "فرصة سانحة" لا تُعاد فى العمر مرتين .. فأى خرقاء أنا كى أتنازل عما منَّ به القدر علىّ !"
"ريحانة" ..
=====
و ماذا بعد ..؟!
ماذا بقى هنا كى يبقى ؟!
لا شئ .. لا أهل .. لا أحباب .. لا أصدقاء .. لا أخوات !
صفر ..
هو مجرد صفر كبير فى خانة اليسار كما علموه يوماً فى دروس الحساب ..
قراره بالسفر كان أفضل شئ فعله على مدار عدة سنوات ..تحديداً منذ وفاة أبيه و أمه و بقاءه هو وحيداً دون اى أشخاص حوله !
و بعدما شعر وكأنه شجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار !!!

والآن … هو جالساً بسيارته يقودها ببطء و تكاسل متجهاً نحو المطار ..
ينظر هنا و هناك .. إلى كل شارع، إلى كل واجهة منزل، إلى كل زاوية وكأنه يودع هذا البلد الذى لا يدرى هل سيطاوعه قلبه و يأتى إليه مرة أخرى .. أم أنه ذاهب .. ذهابٌ بلا رجعة !
هل سيكون أحمقاً لو قال أنه يودع الأشجار المترامية على جانبى الطريق الآن ..أم أنه بهذا سيصل لحافة الجنون ؟!

ابتسم إبتسامة جانبية وهو يخفض عينيه لينظر فى ساعة يده ..
لم يعد لديه وقتاً طويلاً يجب أن يزيد السرعة قليلاً كى يصل على الموعد !
لذا ضغط بقدمه على بنزين السيارة وزاد سرعتها بشدة وهو يسابق الرياح نحو وجهته !
لكن يبدو أن تلك الرياح التى كانت قديماً تأتى بما لا تشتهى السفن .. قد غيرت الوظيفة ..
و أصبحت تأتى بما لا تشتهى "السيارات" !

و ها هى الرياح تعاند وجهته و ترمى أمام سيارته "كائن حى" يلوح بيديه عالياً يدعوه للوقوف !

وقف مُرغماً، مسيطراً على سرعة السيارة بحركة عنيفة .. مما جعلها شبه تصطدم بمن يقف أمام السيارة فتُسقطه أرضاً !
لكن نفس "الكائن الحى" لم يستسلم بل قام مجدداً بقوة ليجده يركب السيارة جواره بسرعة و يضرب .. -لا عذراً- ..و تضرب على "تابلوه" السيارة بقوة، هاتفة بصوتها الأنثوى الأجش، لاهثة :
_امشى ..امشى بسرعة أرجوك !

نظر لها للحظة عاقداً حاجبيه بعدم استيعاب، وكأنه بالفعل ينظر لكائن حى من خارج المجرة، قبل أن يستفيق على صوتها المتألم وهى تنحنى على نفسها ممسكة بقدمها :
_اااه رجلى يا استاذ، انت ماشى مش شايف قدامك .. خبطتنى و انت ماشى .

ظل لثوانٍ أخرى فى حالة صدمة استيقظ منها اخيراً وهو ينظر لها شزراً هاتفاً بحدة :
_انتى يا ست انتى انزلى .. هو ايه إللى خبطتك انا لحقت المسك حتى !!!

مطب ناعم | دنيا محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن