23/5/2007
برد قارس في وسط الصحراء الغربية لجمهورية مصر العربية و بالتحديد علي الحدود الليبية .. ينادي الجنود بصوت جهوري و ويطمئن بعضهم علي بعض
" اصحي .. صحصح "
تقترب الساعه من الثانية وسبع دقائق
بعد منتصف الليل وفي مكان معزول عن الجند اتجه طه المحتاس -كما يسميه الجنود- احد جند الصاعقة
ليقضي حاجته ف الصحراء
وبدون سابق انذار ابتلعته حفرة من وسط الصحراء الي باطنها
24/5/2007
الساعه التاسعة صباحا
وفي منزل نور عبد الحق المطل علي ميدان طلعت حرب ف وسط المحروسة
يقف رجل وسيم في المراه
طويل القامة يميل شعره الي الطول يكاد يقترب من كتفيه وذو ذقن مهذب
عيناه البنيتان مائلتان للسواد تشعرك بالرهبه والهيبة في ان واحد
طابعه الكلاسيكي الواضح من بذلته السوداء و سلسلته ذات المطرقه الصغيره في اخرها والتي اخفاها ب اخر زر من قميصه حتي لا يبدو شابا " من شباب اليومين دول " -كما يدعوهم جده-
زين يديه خاتم من الفضة في منتصفه حجرا من العقيق
وارتدي معطفه الاسود الطويل الذي اضفي مهابه علي مهابته ليقيه برد الشتاء
دخل الي غرفته في خفه و اخذ سلاحه الشخصي من خزنته عندما سمع رنين هاتف المنزل
-الو .. استاذ نور عبد الحق ؟
- صباح الخير اتفضلي !
- دقايق و يكون معاك مكالمه من الديوان ..
- صباح الخير يا نور - دكتور سامح معاك
- معالي الوزير بنفسه .. ليا الشرف يا فندم
رد سامح وزير الاثار في اقتضاب .. مش وقته يا نور مستنيك في مكتبي بعد نص ساعه
واغلق الهاتف ..
استغرب نور رد الفعل ..
والتفت ليخرج من الباب عندنا سمع همهمه مكتومه لشخص يستيقظ من نومه اتيه من سريره ..
فتاة بارعة الجمل زادها النمش جمالا علي جمالها
نصف عارية في سريره لا يدري كيف تجاهلها عندما استيقظ من نومه
اهو من اعتياده علي وجود فتاة مختلفة في سريره كل يوم !؟؟ او ربما من انشغاله في عمله والذي علي الرغم من سكره في الليلة السابقه الا انه استيقظ في موعده بالظبط
انت صحيت ؟
انتشلته الفتاة من افكاره
- احم اه انتي اسمك ايه !
شيري .. او شيرين .. زي ما تحب
- طيب انا لازم انزل تقدري تقفلي الباب وراكي ..
هم نور بالنزول عندما استوقفته الفتاة
- استني .. اسمك ؟
- نور .. نور عبد الحق ..
!!!!!!
نظرت الفتاة في ذهول ..
دكتور نور عبدالحق ؟؟ اصغر محقق في علم الخوارق في مصر ؟؟؟؟ دا انت ؟؟؟
- نظر نور في زهو ابله ان سيطه وصل الي فتاة بار تبدو من الجهلاء من وجهة نظره ..
- اه دا انا .. وتركها وذهب
ظلت الفتاة لحظات غير مصدقه
...
شيرين .. فتاه في منتصف العشرينات .. عيون واسعه . شعر اسود كالليل مسدول علي كتفيها .. زادها النمش علي بشرتها القمحيه جمالا
ارتدت قميصه الملقي علي الارض .. و قامت تستكشف منزل نور ..
فا بالطبع هو نور عبد الحق .. اشهر رجل في سنه .. يبلغ من العمر ٣١ عاما .. رياضي من طراز رفيع
اصغر من حضر دكتوراه في علم الاثار في جيله
ميال الي علم الاساطير والخوارق .. كيف لا وقد تربي علي قصص ما وراء الطبيعه مثله مثلنا جميعا ..
يبدو ان تاثير العراف في هذا الجيل اكثر من غيره ..
نظريه نور عن ان الخوارق تظهر لاغراض سياسية بحته غير مسبوقه جعلته يشغل الصفحات الاولي من الصحف والمجلات
استكشفت شيري منزله الواسع ذو الغرف الثلاث .. احدها مغلق .. وغرفه المكتب ذات المكتبة العملاقه وغرفت نومه البسيطه
يبدو رجلا مثقفا من كل الاوجه علي الرغم من وسامته التي توحي بانه لم يقرا كتابا في حياته قط
في سيارة نور ..
اتي صوت سليم صديق نور الصدوق من هاتفه
- ايييييه يابني انت فين ع الصبح وتلفونك مقفول من امبارح
- ايه يعم لسه نازل معالي الوزير طلبني
- وانا كمان .. هقابلك ف مكتبه
- !!!! غريبه يعني
- سيبك انت اخبار مزة امبارح ايه
- اسكت بالله عليك انا مش فاكر حاجه خالص
- ازاي يعني مش فاكر القمر الي اتعلقت في رقبتك اخر الليل !!!
- يعم كلهم شبه بعض فكك ..
- رد سليم .. قصدك كلهم مش حورية !
صدمت الاجابه نور فا صمت
- انا اسف مكنش قصدي افكرك بيها ..
- مبنسهاش وانت عارف ..
- المهم هقابلك ف المكتب .. مع السلامه .. اغلق سليم الخط في حرج
وترك نور مع ذكرياته
حوريه .. كم تشبهها تلك الفتاة ذات النمش .. ذات عين الغزال ..
يقولون ان الروح عندما تترك الجسد تسكن جسدا اخر او تبقي معلقة في العدم حتي يحين وقتها ..
-الله يرحمها .. تمتم نور في حزن ..
ووصل الي وزاره الاثار ..
في مكتب سامح العراقي ..
وجد نور سليم صديقه جالسا مع الوزير ..
- ايه الي اخرك يا نور .. قالها سامح العراقي بعصبيه
- رد نور بتلقائية .. انا اسف يا فندم الطريق زحمه و....
قاطعه سامح العراقي بنفس العصبيه..
مش وقته مش وقته انت هتاخد اول طياره طالعه ومعاك سليم .. هيفهمك كل حاجه
وفي الطياره ..
ناول سليم ملف القضيه لنور
- بص الصور الي في الملف
وجد نور صور لشمعدان ذو ٧ مخارج للشمع
ايه دا دي مينوراه ! ايه يعم هو احنا رايحين فلسطين ولا ايه .. قالها نور ساخرا
.. لا دي في مصر .. وفي المقبره الجديده ..
- نظر نور في دهشه شديده ..
المينوراه .. رمز لاحد الجماعات الصهيونيه .. يرجع رمز المينوراه او الشمعدان السباعي الي التوراه .. يعتقد اليهود ان سيدنا موسي عليه السلام قد وضع شمعدان سباعي من الذهب الخالص في خيمة الاجتماع .. ثم نقلها الي الهيكل في القدس .. ومن وقتها يتخذه اليهود رمزا لهم..
ولكن في الحقيقة استخدمت المينورا في عصر ما قبل الديانات لترمز لاعمال السحر والشعوذة ، وطقوس تسخير الجان التي مارسها المجوس في وقت ما من العصور الوسطى ..
..
ثم وجد صوره برسومات منقوشه علي الحائط ميز من بينها نجمة داود
.. همهم نور بصوت خفيض ..
طبعا هيعتقدو ان ماچين ديفيد (نجمة داود) هي درع داود شراع اسرائيل
بس في الحقيقة الرمز دا اصلا علامه للسحر والشعوذه في العصور الوسطي و قبل الميلاد .. شكلها دي القضية الي انا مستنيها
- بتقول حاجه .. قاطع سليم افكاره ببلاهه شديده
سليم .. ذاك الشاب الثلاثيني الاصلع .. لا يبدو قط انه دفعة نور ف الجامعه بل يبدو اقرب الي والده .. يبدو خمسينيا بحق .. ذو كرش مترهل ضخم .. لا يفقه شيئا عن الاثار غير انها "شوية دهب عالم مغفله كانت بتدفنه معاها واحنا بنلاقيه علشان يدولنا مكافأة ولا زياده مرتب خلينا نتجوز بقي "
..
نظر نور الي سليم بنوع من الشفقه
متقلقش يا سولي شغلانه هننجزها في ساعتين ونروح .. وضحك في صمت
عند وصولهم المقبره .. سلم نور سلاحه الي امن المقبره وارتدي قفازات واقيه وبدا رحله نزوله ..
- انا مش هنزل معاك يعم انت عارف .. قالها سليم في خوف كعادته مع نور ..
بدا نور لم يلحظ ما يحدث حوله و نزل ومعه عدد من الخبراء ..
كانت المقبره عباره عن سلالم متجهه للاسفل
مقسمه الي حجرتين كما اعتادت حجرات الفراعنه
بمجرد نزول نور لفت نظره ان الحجره الاولي فارغه مما يعني انها للحرس ..
و باب الحجره الثانيه مفتوح
- هو في حد نزل قبلي ؟ سال نور
- لا يا فندم انت اول واحد .. رد احد الخبراء
دخل نور الحجره الثانيه وجد المينوراه تتوسط الحجره ولا وجود لما يدل علي الحياة
ولفت نظره علي الحائط عدد من الرسومات .. لا تبدول هيروغلفيا او حتي لاتينينا..
- سنسكريتي..شرق اسيوي صرف .. قالها نور باهتمام
وبدا يفسر المكتوب امامه علي الحائط ..
بدا المكتوب اقرب الي التعويذه منه الي الكلام
..
الحراس .. التعويذة .. التهويدة .. سليمان
لم يفهم نور شيئامن المكتوب امامه
وفي لحظة واحده أغلق باب الغرفه خلفه مما فصله عن من معه
وبدات قلادة نور ذات المطرقه تلتمع بلون غريب
تلك القلاده التي اهدتها له امه في فتره ما " متقلعهاش .. هتحميك " لا يذكر نور متي لبسها ولكنه يعلم تمام ماهي .. موسكا .. او حجاب كما يقول البعض .. ترجع اصول الموسكا الي الترك يرتديها الشخص لتحميه .. يقرا عليها ايات من القران للحمايه ..وفي الغالب كانت تصنعها الام لولدها لتحرسه من العين كما تظن ..
إلتف حول نور عدد مهول من الظلال السود
لا تستطيع ان تقربه
تحدث احدهم بلغة اراميه -دخولك هنا ممنوع
بدا نور شديد الهدوء ..
" انتو مين "
- حراس المقبرة
"كذب" .. اخرج نور من جيبه زجاجة صغيرة من الزئبق الاحمر والقاها علي المينوراه
فا مرت الزجاجة من منتصفها كانما لم تكن ..
ثم بدا في التحدث ..
" انا قلت كتير ان الظاهره دي موجودة ومحدش صدقني "
وبدا نور في التحرك في ثقه الي الباب دون ان يستطيع احد الاقتراب منه
وعند خروجه
- استاذ نور ! ايه الي حصل !!!! احنا مش عارفين نفتح الباب من برا انت فتحته ازاي..
- بدا نور ساخرا كانما لم يحدث شيء
"امي ساعدتني" .. وضحك ضحكه ساخرة و صعد
ايه الي حصل.. زي المرة الي فاتت بردوا .. قالها سليم بقلق.
- لا المرادي زي ما كنا عايزين ..
قولت قبل كدا و محدش صدقني ..
زي ما في حراس من الجان للمقابر .. في جان ممكن يحط الي هو عاوزه جوا المقابر دي ولصالح الي يسخره .. قالها نور بتركيز وسمعه سليم ببلاهه غير مصدق
- انت عايز تقول تخاريفك دي للوزير .. قالها سليم
اومال اعمل ايه !!!!
وفي مكتب سامح العراقي ..
حكي نور كل ما حدث واخبره بوجهه نظره ..
قهقه الوزير ضاحكا .. انت عبيط يا نور ؟
عايزني اصدق تخاريفك دي .. وجن ايه وزيبق ايه ؟
وانا الي جايبك تجيب الديب من ديله ..
اروح للناس اقولها ايه ؟
الراجل بتاعي بيشيل معاه زيبق علشان يلعب مع الجن السفلي !
روح ارتاح يا نور وبكرا نتكلم ..
لم ينطق نور حرفا وعاد الي منزله
لما يجد اثرا لشيري
يلا الحمدلله .. قالها نور
واخرج مفتاحا صغيرا وفتح باب الغرفه المغلقة
كانت الغرفه لا تحتوي الا علي منضذة صغيره .. و كرسي .. جدرانها بيضاء من الفوم العازل للصوت ..وعلي المنضدة .. مجموعه من الاوراق وحبر و ريشة
جلس نور و بدا في الكتابة
"انت هنا؟ " كتبها نور علي ورقه
بدات الجملة ف التلاشي و ظهر مكانها
"نعم"
كتب نور "محدش صدقني "
"محتاج دليل ايه تاني غير المقبرة "
" محتاج حد يشوف "
" محدش هيشوف يا نور انت بس الي هتشوف .. انت البوابة بينا وبينهم "
بدات الاوراق في الاهتزاز.
والتفت نور خلفه
وجد رجلا يرتدي عباءه بيضاء تغطي من راسه لقدميه
جالسا متربعا
وبدا نور مهتزا
بدا الرجل ف الكلام " انا هساعدك لو قلعت السلسلة "
" انت عارف اني مش هقلعه ا " قالها نور مصتنعا الهدوء
دا قدرك الي مكتوبلك يا نور ، ومسيرك تحققه وتيجي معانا في يوم ..
انا هساعدك و هديك دليل يا نور بس بشرط .. تدينا الي احناعايزينهاخذ نور عده اوراق منقوش علبها بعض الرسومات بالعبرية .. وناولها للرجل
" روح المقبرة لوحدك النهاردة هتلاقي الي انت عايزه "
واختفي كان لم يكن
اتصل نور بسليم واخبره بان يقابله ف المطار
وبعد اقل من ٥ ساعات كان نور وسليم امام باب المقبرة
خلع نور قلادته و ناولها لسليم
واخبره بان ينتظر ١٠ دقائق و عليه بطلب المساعده لو لم يظهر نور بعدها
بدا نور في الدخول من البوابه و ترك سايم و افراد الامن معا ف الخارج
وبمجرد دخوله للحجره
اغلق الباب
واحاطته ذات الظلال السوداء .
عندها فقط نطق نور "يا اهرمان "
وبدات النقوش علي الحائط في الاضاءه
واختفت الظلال
وظهر باب سري في الغرفه
دخل نور ووجد في الداخل تابوت بداخله ممياء وكتب عليه بالسنسكريتية "زردشت"
وبدا نور في النداء " يا اهورامزدا "
وانزاح غطاء التابوت و ظهر ما بداخله فارغا ..
و عندها فقط بدات الارض تهتز مما دفع نور للخروج والعوده للغرفه الاولي
وجد صندوق بداخله رساله مكتوبه علي ورقه من اوراق نور
وعندما فتحها كتب فيها ..
تدليس التاريخ من عمل الابالسه .. يسخرون الجان باستخدام طرق زرادشت الفارسية القديمة ..
في ايديك الدليل يا نور .. انا عملت بالي قولته ..
بس خليك فاكر .. انت قلعت السلسلة، و دلوقتي جه دورك ، العالم دا كله عايش في دمار ، والبطل الي هيحرره مش لازم دايما يبقي الخير ، احيانا الشر هو الوحيد الي بيعالج الشر ، دا مصيرك يا نور ..
وجد نور في الصندوق عدد من اللفافات التي تحتوي علي طرق تسخير الجان في صناعه تاريخ غير موجود من الاساس والتي تثبت و جهه نظر نور ..
اخذ نور الصندوق وصعد الي باب المقبرة
اعطي الصندوق لسليم
انت كويس ؟ قالها سليم بقلق علي صديقه
خطوة كمان وهتموت يا نور .. قالها الصوت في اذنه
انا هروحلها ..قالها نور لسليم مبتسما
هي مين يا نور .. قالها سليم خائفا
مد نور قدمه خارج باب المقبره وذادت ضربات قلبه و هوي ساقطا علي وجهه
يا نور يا نور .. قالها سليم بجزع
تستاهل يا صديقي .. الحقيقه تستاهل التضحيه .. نطقها نور لاهثا ...
وخبي ضوء الحياة من عينيه
بدا الحرس وافراد الشرطه في محاوطة المكان و تم نقل الصندوق مع سليم الي مبني امن الدولة و تم استدعاء الوزير لاثبات الواقعة
دفنت جثة نور في مقابر عائلته
كأن لم يكن ..
عرف الحدث في الجرائد المصرية باسم اكتشاف نور عبدالحق .. ولم يذكر احد شيئ عن تزوير الحضارات والتاريخ ..
وتظل الكذبة موجودة نعيشها كل يوم ..
كذبة الحضارة..
في مساء ذات اليوم وبالتحديد في تمام الساعة الثانية وسبع دقائق ..
وفي منزل سليم ..
بدتأـ قلادة نور في اللمعان بشكل مخيف ..
وامتدت يد و التقطت القلادة .. يد مألوفة يزين احد اصابعها خاتم ذو فص من العقيق الاحمر ..
يد نعرفها بشكل جيد ..
يد نور عبدالحق ..
القي نور نظرة حانية علي سليم النائم ..و تظهر اثار البكاء واضحة علي وجهه ..
واختفي نور كما ظهر ..
ولكن ليس كا نور العالم و المحقق ..
بل كا نور .. سيد الحراس ..
او بالأحري كا اهرمان .. ملك العالم السفلي
أنت تقرأ
زردشت
Short Story! الواقع والخيال نقاش عقيم أليس كذلك؟؟ ربما .. ، ولكن اترك لنفسك بابا لعلك تعبر منه ، او ربما يتغير منظورك للأمور ، او ربما تستمتع بالخيال ..فالأشياء ليست تماما كما تبدو ، ربما تصبح يوما و يصبح واقعك اسطورة ، واسطورتك واقعا .. ربما .. فقط ربما