᷂غَيَاهِبْ

ياليتَهُ يَعْلمُ أنِي لسّت أذْكَرهُ
            وكَيْفَ أَذكُرهُ إِذ لَستُّ انسَاهُ
            
            يامَن توهَم أنّي لست اذكُرهُ
            واللهّٰ يعّلَمُ أنّي لستُ انسَاهُ.

الُوجودُ صَمْتٌ يَصْرُخُ في الفَراغِ،
            والأَيَّامُ تُبْتَلَعُ في ظِلً لا يُرىٰ،
            نَمْشي بلا خَريطةٍ، بَلا بَوصلةٍ،
            ونَلمَسُ العَدَمَ بآطْرافٍ مُتَكْسَّرَةٍ،
            
            الأَحْلامُ رَمادٌ يلْتَفُّ حَوْلَنا،
            يُرْقُصُ على أطْلالِ رَغَباتٍ مُهَشَّمةٍ،
            ونَحنُ نَحْتَضِنُها كَذِبًا مُؤَقَّتًا،
            ونَجَّرُّ وَراءَها كطَيْف يَتَلاشَئ.
            
            الَمعْنَىٰ بابٌ بلا جُدرانٍ،
            يَفْتَحُ على كُلُّ شيءٍ وَلا يَفْضِي إلى شيءٍ،
            نَرْكُضُ داخِلهُ ونَمسِكُ الظَّلالَ،
            لكن الظَّلالَ نُشَيَّدُ جُدرانَ العَدَمِ حَوْلَنا.
            
            الجَحيمُ ليس نارًا،
            بَ صَوْتُنا الدَّاخِلِي حين يَصْرُخُ فِي الفَراغ،
            يَصْطِدمُ بآصداءٍ بلا أجابةٍ،
            وَيْزَرَعُ شُعورًا بالوَحدةِ كَقَيدٍ لا يُرى.
            
            نَتَمَرَّدُ على العَدَمِ،
            نَخْلُقُ لُغاتٍ لا تُفْهَمُ،
            نَرْسُمُ خُطوطًا على الفَراغِ كي نَظلَّ حَييّنّ،
            لكن الحَياةَ تَلْتَهمُ خُطوطَنا بلا رَحْمَةٍ،
            ويَبْقىٰ نَحنُ الأَسْئِلَةَ، لا الاجاباتَ.

هُدُوئي ثَمَرَةُ مَعَارِكٍ خَفيَّةٍ،
            وَصَمْتِي صَدًىٰ لِأسْئِلَةٍ لَا تَنَامُ.
            مَا يَرَوْنَهّ سَكِيَنةٍ هُوَ تَعَبُ سِنِينَ،
            وَوَعْي وَلِدَ مِنْ رَمَادِ الْجِرَاحِ.

يَلوذُ بالصَمت إنْ ضاقَ البيانُ بهِ
            والرُوح إنْ تعبتْ بالصمت تعتصمُ
            
            وَفِي القُلوبِ ضَجيجٌ لَا نَبوحُ بهِ
            بَعضُ الحروفِ بقَلب الحُرّ تَشتغلُ