أودُّ قُربك، وغيرُ قربك لا أريدُ،
فمالكَ لا تهوى قُربي كما أنا،
ومالك عن ناظريّ بعيدُ؟
إن كُنت حاضرا فإنّي أرَاك
وحدَك وإن اكتظّ الحشُود.
وإن كُنت غائبا فإنّ فراغكَ،
وشغُور مكانِك وحدَه مَوجودُ.
أودُّ قُربك، وغيرُ قربك لا أريدُ،
فمالكَ لا تهوى قُربي كما أنا،
ومالك عن ناظريّ بعيدُ؟
إن كُنت حاضرا فإنّي أرَاك
وحدَك وإن اكتظّ الحشُود.
وإن كُنت غائبا فإنّ فراغكَ،
وشغُور مكانِك وحدَه مَوجودُ.
أُسكب من بُن عَينيك في فنجانِي،
قَهوة مُرّة تَفيض على وجدانِي.
إنّي أدمنتُ البُنّ مُذ زمنٍ
ولكنّ حبك فاق حدود الإدمانِ.
وعشقتُ لحظَة تَتلاقى عينانَا،
ووددت ألّا أُغمض قطُّ أجفانِي.
بعضُ العيُون عند الهوَى أجمَلُ
وما للهوى على عينيكَ من سُلطانِ.
في الظُلمة ينيران الدَيجور،
فيَسكبان نُورا على دُجى أحزانِي،
وإن جاء النّهار ساطعًا مُشرقا،
فعيناكَ في ضيّ النهارِ شمسانِ.
والنُور من سِمات الملائكة أعرفُه،
يُساورني الشكُ، ما أنت بإنسانِ.
وإن كُنت من الإنسِ فأنت مُختلف،
أعجزتَ ذاكرتي عن النّسيانِ.
بتُّ سجينةَ قلبٍ باسمكَ نابض،
من فرطِ الحُب أغرمتُ بالقُضبانِ.
سجنُك هذا أنا أختَاره،
أودُّ أن أكُون حبيسة هذا المكانِ.
مكانٌ فيه أنتَ، من يُريد هجره؟
بل هجرُه ضربٌ من الهذيَانِ.
أُغرمت، بل صبوتُ، لا أدرِي
أي الكَلام يُفضي عن مكنُون كيَاني.
وكَيف لا أُسحر وأنتَ أمامي،
وكَيف لا تُلاحظ حُبي ولا ترانِي؟
أرهقَني التفكِير وما أحمل في قَلبي،
وحُبي لكَ من فرط ثُقله أضنانِي.
ألا ترى في انعكَاس عينيّ كلفِي،
وبلوَاي وهمّي فكلفي أعيانِي.
متَى تَرد على شوقِي بوصلكَ،
ومتى يحِين أخيرا أوان اللُقيانِ.
يفِيض منّي الشعرُ عند لُقياك،
فيُغرق قَلبي ولا تراهُ عينَاكَ.
أُحاول إخفَاءه بينَ طوَايا رُوحي،
فلا يزِيدني الأمرُ إلا إربَاكا.
أخَاف أن يطرُق نبضِي مسمعك،
فأُحرم طُول عمرِي رُؤيَاك.
وأُحرم طُول العمر رفقتَك،
وأنا، يا سيّدي، لا أبغِي سوَاك.
تُراك لا تلحظُ لهيب صدرِي؟
أم أنّك مثلي، تحترِق، تُراك؟
تراَي وحدي أتُوه في لحظَة،
وأرجُو، عبثًا، أن تُحيطني يدَاك؟
وأرجُو أن تَضمني إلى صدركَ،
فتهدأُ روحِي وأنسَى الحراكَ.
أهواك بكلُ ما في قلبِي من نبضٍ،
وبكلِ مافي الدُنيا من اشتياقِ.
ووددتُ في كُل مرّة لاقيتُ عينَيك،
لو أنّك هببت في سُرعة لعناقِي.
خوفِي لو أنّني وحدي من أحببتكَ،
ولو أنّ نهاية هذا الوصلِ فراقِي.
وأخَاف أن تغيب عن ناظريّ فترَة،
فلا أروِي برؤياكَ ضمأ أحداقِي.
إنّي هوَيتُ حتّى هوَيتُ،
أليستَ هُوّة الهوَى منفى العُشاق؟
ظننتُ أنّ بوَصلك قد يُثلج صدري،
فمالِ هذا الحُب قام بإحراقِي؟
ستُشرق الشمسُ، وتنجَلي السُحب
وتبتلع الأرض في ألم دمَ الشُهداء.
سينام الرضيع الذي أضنَاه التَّعب،
ويحتضِن قمِيصا مضرجًا بالدماء.
سَتُروى قصص الأبطال في الكُتب،
ويُنسى أثر الحَرب بعد بعضِ البكاء.
ولكنّ الأم مُجددا، على الشُرفة واقفة،
تنتظر بِمرارة الواقعِ حَلاوة حُلم اللقاء.
ما أقبح البُعد إذ فرّق بينَنا
أعجزُ عن ضمّك إلى أحضانِي
لستُ أطيق هذا الفراق ولكنّني
صرتُ سجِينة في هذا المكَانِ.
أعانقُ الليل وأبكِي نُجوما،
أضيءُ بها ديجُور أحزانِي.
يا ليتنِي ألقاكَ ولو كان حُلما،
فأُغلف مرارة الواقع بالنّسيانِ.
لو لمحتُ عينَيك ولو للحظَة،
ما كنتُ قطُّ أغمضتُ أجفانِي.
أحِبك، وهذا الحُب يقتُلني
ألَيس الحُب جلّاد الإنسانِ.
أمدُ يدِي لعلّي ألمس طيفَك،
فتُفلت من بين أناملي الأمانِي.
بتُّ أموت في غُرفتي شوقًا،
فأزدَاد كُرها لهذه الجدرانِ.
أُحبك، ولست أدري متَى،
يرتَاح هذا القلب ويرتوِي.
أذكرك في سجدة للثرَى،
في كنَف هذا الليل المُظلم.
أشكو لربّي، فقيرة أنا
وأنت يا الله الوهَاب الغنّي.
طلبتُ منك، ربّاه، قُربه،
والأمر كُل بيدكَ، فأعنِّي.