كان لقائنا بعد انتظار طال وشوق اكتنف قلبي .. وطأت قدماي أرض مدينتنا وفارقت عيناي القطار وهو يستعد للعودة مجددا للأرض المنبوذة التي فرقتني عن حبيب الفؤاد ..
الرياح باردة للغاية في شهر ديسمبر .. ورؤيته من بعيد جعلت جسدي يتعرق بشدة كما لم يفعل من قبل .. لقد شعرت بالنيران تبتلع صدري ببطئ كلما خطى خطوة نحوي ، كلما وضحت عيناه اكثر وملامحه.. كان موقفا نادرا لم يكن له مثيلا في حياتي، لازلت اذكر كيف كان ينظر الي بضعف وانهيار .. نظرة يملئها الشوق و الانكسار .. وقف امامي وامتلأت عيناه بالدموع .. وحينها جذبته من ياقته الي .. و همست له :
"تصبح ضعيفا للغاية عندما تشتاق الي .."
دمعة فارقت عيناه عندما اطال النظر الى عيناي .. ثم ابتسم وقال:
-ترحلين دائما رغم يقينك انني استمد قوتي منكِ !
انت تدافع عن السعادة لانك شخص طبيعي للغاية ..
-طبيعي؟ هه تقول هذا وانت لم تشعر بها حتى في احلامك!
صمت طال بيني وبينه .. لم اكن ادخر اي كلمات داخل عقلي لاجيبه بها .. لا اعلم .. كان الجو يملئه التوتر .. وافكاري تتصارع بعنف .. وقبضتي كادت ان تمزق اوتار يدي من شدتها .. كدت اجيبه .. لكنه رحل .. هل كان خائفا من غضب الحزن؟
اراء الناس هي تحكم ..لأستمر .. لأعيش .. لأواصل احلامي .. لأحب نفسي.. لن اهتم لآراء الناس .. سواء كان مدح او ذم .. رفع معنويات او تحطيم .. سأسير في حياتي على الطريق الذي أراه مناسبا ولن اجعل رأي احدهم يغير مساري ابدا .. سافعل مايريح ضميري انا ..
دائما والى الأبد.
كان لي جار اصيب باليأس بعد عده محاولات فاشلة .. والصدفه كان مقدر لها ان تحقق مراده دون اي عناء أو شقاء .. كان مقدر له ان يشقى ، ولكن لم يكن نجاحه هدية لشقائه، بل كانت الصدفه هي الهدية ...
تعلقتُ بأحدهم .. كنت فضولية بشأنه
لذلك كنت اهتم لكل التفاصيل ..
ماذا يفعل خلال يومه؟
ما الطعام المفضل لديه؟
عطره المفضل ..؟
اسأله كثيرا ،
لكنه لم يسألني يوما عن شيء ما
ربما لم يكن فضولي بشأني، أو انه كتوم
لكن في الواقع، كان مهملا .. تلك الحقيقة
الوحيدة التي كنت دائما اتجاهلها .
بشكل ما اعتدت على ردوده الغريبه وبروده
كان كالثلج، يستقبل لهفتي للحديث معه
ببرود يقتلني!
تراودني العديد من الأسئلة اثناء اختفاء ظله لبضعة دقائق، الم يرق له ما قلت ؟
هل أخطأت بشيء ما!
واقرأ تلك الرسائل مرارا وتكرارا دون ملل
انتظره طويلا، حتى أغفى على ضوء هاتفي .. وفي الصباح اجد رسالة صباحية منه، خالية من أي اعتذار على اختفائه او تعليق على كلام أمس!
استمر في قول، لا بأس .. ولانني أهتم له كثيرا ولا أعاتب .. خسرت كرامتي! او هكذا كنت اعتقد، لاني في كل مرة اتحدث معه فيها، أشعر بالغرابة ...
فلم اتخيل يوما انني سأصبح ساذجة لدرجة أن أهتم لأحدهم بجنون ، دون مقابل ..