من شيرتوفسكي إلى ليرا في القيثارة الملعونة :
حاربت بكل ما بداخلي من إنهيار في نفسي كي لا أفلت يديك الباردتين اللتين تحاولان جاهدتين التملص من راحتي ..
لقد خسرت نفسي والفضل يعود إليك ، ليس لأنني خسرتها بل لأنني فقدت شغفي بها ..
أعلمُ كم هو قاسٍ هذا الشعور، أن تُجبر على كُره نفسك، أن يرسموا لك شخصيةً أخرى فتتقمصها أنت بكل رضا، أن يقولوا عنك ما ليس فيك فتصدقهم..
تُرى من تُرضي هنا؟
هم..!! أولئك الذين لم يروك إلا مجرد لعبة، حتى أنها لعبةً مملة لا يحتاج الأمر سوى بضعة أسابيع أو ربما عدة أشهر بالكثير ليملوا منها..
أم تُراك تحاول إرضاء نفسك، آآهٍ كم أنت واهم، واهمٌ بفعل الصواب، اتظن بأنك هكذا تنصف الحقيقة!! هه، ياللسخف، بل إن الأمر يبدو وكأنه سيناريو كوميدي، في حين أن لا أحد هنا سيكون لديه رغبةً بالضحك..
ألم تعلم بعد أنك في كل مرةٍ كنت تخطو فيها، كانت كل خطوةٍ تُفقدك جزءً منك، رويداً رويداً، كانت الخطوات تلتهمك، بينما أنت واصلت المسير دون أن تشعر أنك بت خفيفًا، وأنك أصبحت على بُعد خطوة..خطوة فقط تفصلُك عن الهلاك.
أهرب من كلا الجانبين؛ من الابتهاج الساذج بالحياة، ومن اليأس المطلق منها. لا أُنكِر ماهو مروّع دون أن أتقبله، ولا أتخطى ماهو جميل دون أن اتأمله، بالمزج بين جمالها ومأساويتها، هكذا أحاول تلمّس طريقي فيها.
تعرفه، أنت الذي تجهل أشياء بديهية كثيرة لأنك لم تعرها أي اهتمام. تعرف كيف يهتاج وجهه حين يغضب ويغتاظ، كيف تنكشف عنه المآسي لحظة أن تواسيه، كيف يجلو عليه شعور الأمان وأنت بجانبه، كيف تسفر له الدنيا عن المسرآت حين تحتضن يديه. تعرفه.. أنت وحدك، تعرف كيف يكسّر غيابك تهلله وانبساطه، كيف تُقبض الدنيا بيداها القاسيتين على نفَسه فيختنق صامتًا، كيف يحال كل ما حوله إلى بواعث كثيرة ودوافع واضحة للحزن والبكاء، ووحده غيابك، ما يبكيه ويشقيه، تعرف كيف يخاف وحيدًا دونك، كيف تقسو عليه الأيام حين لا تجيء محملة بضحكة واحدة منك أو اثنتين، كيف يبدو كل شيء جارحًا حين لا تقاسمه اللحظات، كيف تتبدل فكرة طول المسافة ما بينك وبينه من أرقام وقياسات إلى أرعب فكرة قد أهلعت قلبه.