Asala_Rezeq
مازن حمادة❤️ لم أكن أعرف مازن حمادة، لكن قصته تسكنني وكأنني عشتها معه، كأن ألمه انعكس في داخلي. سمعت عنه للمرة الأولى حين قرأت شهاداته، ولم أكن مستعدًا لما واجهته: تفاصيل التعذيب، العتمة، الجدران التي ابتلعت صرخاته وصراخ غيره. كان صوت مازن مختلفًا، ليس مجرد صوت يحكي عن الألم، بل صرخة نادرة وسط عالم أصمّ. كلما سمعت عن أهوال السجون السورية، كنت أحاول أن أستوعبها، لكن مع قصة مازن، الأمر كان مختلفًا. صوته، كلماته، التفاصيل التي حكاها، كانت كفيلة بخلخلة أي يقين لديّ بأننا سنكون بخير. كان يحكي، وأنت تسمعه وتشعر أن جسده لم يخرج من هناك، أن ذاكرته ما زالت مربوطة بسلاسل المكان. أتذكر أول مرة قرأت عن خروجه من السجن، عن هروبه إلى الخارج، عن محاولاته لأن يكون شاهداً على جرائم أكبر من أن تُحتمل. شعرت وقتها بشيء من الأمل؛ أن هناك من يواجه، من يحكي، من يصرّ على أن العالم لا يمكن أن يتجاهل هذه الفظاعات. لكنه كان يحمل شيئًا أعمق… وجعًا لم نره، لم نفهمه تمامًا. حين سمعت أنه قرر العودة إلى سوريا، شعرت بالصدمة، بل بالخيبة. لماذا يعود؟ لماذا يختار العودة إلى الجحيم الذي بالكاد نجا منه؟ كأنني، رغم كل تعاطفي معه، لم أستطع فهم دوافعه. حاولت أن أضع نفسي مكانه، ولم أجد إلا العجز. هل كان يبحث عن نهاية لوجعه؟ أم كان الوطن رغم كل الخراب هو مكانه الوحيد للسلام؟ عودة مازن كانت رسالة أكثر إيلامًا من كل ما رواه. كأن الألم الذي عاشه خارج الوطن كان أقسى من جدران السجن، وكأن خيبة الأمل في العالم الذي لم يسمعه بوضوح دفعته للبحث عن ذاته بين رماد بلاده. مازن حمادة ليس مجرد قصة، هو إنسان. إنسان عاش ما لا يمكن احتماله، وحاول بكل ما لديه أن يصمد، أن يصرخ، أن يحكي. وأنا؟ أنا مجرد شاهد آخر، شخص حمل عبء قصته دون أن يعرف ماذا يفعل بها. كل ما أستطيع فعله هو أن أكتب، أن أتمسك بما تركه لنا، أن أذكّر نفسي والعالم بأننا مدينون له ولمن مثله بشيء أكبر من الصمت. أصالة رزق