Benny_36

يا قارِئَ كِتابي
          	 إِبكي عَلى شَبابي
          	 أليومَ حَياً 
          	و غداً تَحتَ تُرابي

Benny_36

أيّها الناس أحذّركم من الدنيا وما فيها، فإنّها دار زوال وانتقال تنتقل بأهلها من حال إلى حال، وهي قد أفنت القرون الخالية والأمم الماضية، وهم الذين كانوا أكثر منكم مالاً، وأطول اعماراً، وأكثر آثاراً، أفنتهم أيدي الزمان، وأحتوت عليهم الأفاعي والديان، أفنتهم الدنيا فكأنّهم لا كانوا لها أهلاً ولا سكّاناً، وقد أكل التراب لحومهم، وأزال محاسنهم، وبدّد أوصالهم وشمائلهم، وغيّر ألوانهم، وطحنتهم أيدي الزمان، أفتطمعون بعدهم بالبقاء؟
          هيهات هيهات فلابد من الملتقى، فتدبّروا ما مضى من عمركم وما بقى، ما فعلوا فيه ما سوف يلتقى عليكم بالأعمال الصالحة قبل انقضاء الأجل، وفروغ الأمل، فعن قريب تؤخذون من القصور إلى القبور، حزينين غير مسرورين، فكم والله من فاجر قد استكملت عليه الحسرات، وكم من عزيز وقع في مسالك الهلكات، حيث لا ينفعه الندم، ولا يغاث من ظلم، وقد وجدوا ما أسلفوا، واحذروا ما تزوّدوا، ووجدوا ما عملوا حاضراً، ولا يظلم ربّك أحداً، فهم في منازل البلوى همود، وفي عسكر الموتى خمود، ينتظرون صيحة القيامة، وحلول يوم الطامّة