mesa_479719
. يوماً ما كنت أقرأ سورة الرحمن ، فسمعني رجل كبير في السن .. فقال لي معلومة جعلتني أشعر أني أقرأ سورة الرحمن لأول مرة وكأني لم أقرأها من قبل. هذا الرجل الكبير سألني سؤال فقال : الله يقول في الآية ٤٦ (ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ويقول في الآية ٦٢ ( ومن دونهما جنتان ) فهذا يعني أن هناك أربع جنان ينقسمان إثنين اثنين. فما الفرق بينهما ؟ فقلت : لا أعرف. قال : سوف أوضح لك. وهنا كانت الصدمة أن هناك فرقا شاسعاً بينهما ١- إن الجنتين الأفضل هما للمُتقي الذي يخاف ربه. ٢- وهما ( ذواتا أفنان ) أي تحتوي على شجر كثيف يتخلله الضوء، وهذا منظر بديع جميل يسر النفس والقلب. .. والجنتان الأقل منهما ( مدهامتان ) أي تحتوي على شجر كثيف جداً ولكن لا يتخلله ضوء ، أي أن هناك ظل كامل، فالمنظر أقل جمالاً. الجنتان للمُتقي ( فيهما عينان تجريان ) وماء العيون الجارية هو أنقى ماء ولا يتعكر لأنه يجري والجنتان الأقل منهما ( فيهما عينان نضاختان) أي فوارتان، يعني ماء يفور ويخرج من العين لكنه لا يجري. وطبعا قد تتصف العينان اللتان تجريان أنها أيضاً نضاختان وفوارتان، لكن لا يجوز العكس الجنتان للمُتقي ( فيهما من كل فاكهة زوجان )، أي نوعان: رطب ويابس، لا ينقص هذا عن ذلك في الطيب والحسن .. والجنتان الأقل منهما ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) يعني نوع واحد ، وهو في المتعة أقل.. الجنتان للمُتقي ( متكئين على فُرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان ) تخيل أن هذا وصف البطائن فما بالك بالظواهر ، وقد جاء عن النبي أنه قال : ظواهرها نور يتلألأ... الشجر يدنو له وهو مضطجع يقطف منها جناها .تخيل العظمة أن الشجر يأتي لمكانك وأنت مضطجع تختار وتقطف من ثماره : أما الجنتان الأقل منهما ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حِسان ) وصف الظاهر فلا تعرف عن الباطن شيئاً ، وهو أقل من وصف الباطن وترك الظاهر مبهماً. صاحب الجنتين الأقل قد عمل أعمالاً صالحة ، لكنه في الخلوات أحياناً قد يعصي الله جل وعلا ظناً منه أن لا أحد من الناس يراه. فلك أن تتخيل أن ذنوب الخلوات جعلت الفرق الشاسع بينهما فى الجنة :" انتبه لخلواتك فسيئاتك في الخلا تنسف حسناتك في الملأ :" أجمع العارفون بالله أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات ، وأن عبادات الخفاء هي أصل الثبات : فكن من المتقين وحافظ على خلواتك، اللهم اجعلنا من المتقين يارب العالمين. .