
LanguageKnights
كنتُ أتمشى هنا وهناك أراقبُ الأعضاء، فلمحتُ ويستريا منهمكةً في عملها والهالاتُ السّوداءُ أسفل عينيها ترعبُ النّاظرين، فصرخت بها قائلة: «أيّتها الحمقاء! ألم أخبرك أن تهتمي بصحتك أكثر من عملك؟ تبدين كالباندا!» هزّت رأسها لي دون أن تنظر نحوي، أكاد أجزمُ أنّها لم تسمعني حتّى! أكملتُ طريقيَ وإذ ببيتاويه تصارعُ نصًّا وتدقّقه، فاقتربتُ منها لأرى تقدّمها، وأوّل ما وقعت عيناي عليه كان خطأً لغويًّا يحتاجُ جلسةً تدريّبية في الحال: «بيتا! أما زلتِ تخطئين في هذا؟ كم مرةً صحّحتها لك؟» ارتعبت من تدخّلي المفاجئ ثم بدأت بالاعتذار: «لقد سهوت، كان بالي مشغولًا بالعديد من الأشياء.» طبطبتُ على كتفها وأخبرتها أن لا بأس بذلك، ثم أكملتُ طريقي أنبّه الآخرين هنا وهناك كيلا يخطئوا. بعدئذٍ وصلتُ إلى طاولتي وجلستُ لأكمل أعمالي، وفي وسط انغماسي بها أرعبتني يدٌ ضربتِ الطّاولة بقوة، فرفعت رأسي وإذ بويستريا وبيتاويه ينظران إلي نظرةً مخيفة: «ما بالكما؟» أجابت ويستريا: «دومًا ما تنبهين الآخرين على أخطائهم، لكنّك تخطئين الآن في تدقيق نصّك!» نظرتُ باستغرابٍ نحو النّص ثم نحوهما، ولم تتتح لي الفرصة لأجيبها لأن بيتاويه أكملت قائلة: «صدق من قال: إنّ الموصّين بنو سهوان!» سألتها عن مقصدها فأجابت: «إنّه مثلٌ يُضرب لمن يسهو عن شيءٍ أمر به ونبّه عليه، وأنتِ المثال الحي على ذلك! توجهيننا دومًا وتعطيننا النّصائح، لكنك تنسين نفسك وتسهين.» حككتُ رأسي مستحييةً منهما، لكن ويستريا أنقذتني من الإحراج وقالت: «ولكن لا بأس، فكلنا بشرٌ وطبعنا السّهو والنسيان.» والآن ماذا عنكم يا أصدقاء؟ هل كنتم تعرفون المثل؟ وهل أنتم ممن يساعد الآخرين ثم يخطئ؟ - جوليا.