Midoria5164
"إن إلتقيت نسختك في الواقع، ماذا ستكون ردة فعلك؟"
لطالما سمعت هذا السؤال ودوما كنت أجيب بعزة "سأكون سعيدة وأفرح لوجودها، بل سأصادقها حتى! ما الذي سأطلبه أكثر؟"
هذا قبل أن أوضع في الاختبار فعلا.. لم اتوقع أن يحدث هذا، لكن بطريقة ما كان! وإكتشفت هذا توا!
لقد كرهت نسختي في الواقع ورفعت ضغطي مرات عدة، بل وتشاجرت معها مرة او إثنتين... في كل مرة تقوم بها بنفس أخطائي الماضية وأنا اصرخ "ما بك؟؟"، كنت أراها بريئة جدا على هذا العالم، وفي نفس الوقت كنت أحزن أنها تتغير تدريجيا من الابيض للرمادي وكأنني فشلت، فشلت في حمايتها مجددا بسبب وقوفي بعيدا وعدم تدخلي..
أرى كذبتي "سأحمي نفسي!" تتلاشى.. مرارة الفشل آلمتني.
أريدها أن تختفي من حياتي الى الابد، انها تؤذيني بدأت أتخيل أن أخرج من رحمي ما يطابقني، لا أريد أن أرى شخصا يشبهني.. يحمل فشلي كمرآة أمامي...
أتمنى أن نختفي جميعا، وأن لا يوجد لنا أثر أبدا فبردا وسلاما علينا!
Ei_777
لكن ما نجهله أن الأسود قد يصبح أبيضا. فكما يصبح الكأس المملوء بالماء الملوث شفافا نقيا وواضحا بعد إضافة المزيد من الماء الطاهر له، يمكن لقلوبنا أن تعود بيضاء نقية بملئها بالإيمان والعمل الصالح، والاجتهاد والمثابرة على تقويته وتعزيزه. بالإيمان نكون قادرين على التفريق بين الحق والباطل، وتمييز القائل عند كل صوت ونسمع القول فنتبع أحسنه. فالإيمان يطهرنا من الخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس، ويغسلنا منها بالثلج والماء والبرد، وهذا ما يمكّننا من صنع نسخة أفضل وأفضل من أنفسنا. قد نتسخ ونضعف أحيانا، وأحيانا قد نسقط، لكن لا يهم كم عدد المرات التي سقطت فيها. بل المهم أنك لا تزال واقفا وعازما على النهوض في كل مرة تسقط فيها وحريصا على أن لا ينتهي بك المطاف منبطحا على الأرض.
فشلك لا يعني نهايتك، بل ربما قد يكون بداية لمرحلة جديدة من حياتك. مرحلة مليئة بالعزم والقوة والإصرار، مرحلة تتدارك فيها أخطاءك الماضية وتحاول تصحيح ما أفسدته، مرحلة تتعلم فيها وتكتسب خبرة من تجاربك السابقة، ومرحلة تصبح فيها النسخة الأفضل من جميع نسخك التي سبقتها، حتى تلك النسخة التي كان سجلها خال من الأخطاء. العيب ليس أن نخطئ، بل العيب أن لا نتعلم من أخطائنا ونغرق في مرحلة الفشل واليأس بلا أمل. فنقعد مستلقين على الأرض ناظرين نحو السماء ننتظر نهاية هذه القصة، لكن إن كنا نعلم أن الفصل التالي منها يحمل أفضل الأحداث وأسعدها وأكثرها ازدهارا لنهضنا بكل همة وعزم ونشاط. لذا دعونا نفترض في كل مرة أن هذا الفصل هو التالي حتى لو كان بينها فصل آخر قبله. نأمل أن يأتي ذلك الفصل من قصتنا قريبا، وهو بإذن الرحمن آتٍ لا محالة! وسيظل الأمل يرافقنا حتى لو تأجل هذا الفصل إلى حياة أخرى بعد الدنيا، فحينئذ لن يكون هنالك فقط مجرد أمل، بل سنراه حقا يقينا بعين اليقين.
•
Reply
Ei_777
نفسك في الواقع لها أكثر من نسخة، فعند التفكير مع أنفسنا نسمع أكثر من صوت: صوت يخبر برأي ما وآخر رأيه يناقض ذلك الرأي، وصوت غيره يوسوس بفكرة شيطانية خبيثة وآخر يحاول إقناعك بترك الفكرة السابقة، وصوت يلومك ويؤنبك على أخطائك وآخر يهدئك ويخفف عنك... أما ذاتك الحقيقية فهي واقفة على المسطبة تقيم آراء وأفكار كل صوت، وتختار أفضلهم بالنسبة لها وقد تخطئ الاختيار في بعض الأحيان.
تنقسم هذه الأصوات إلى ثلاثة أصناف والله أعلم: نفس شريرة أمارة بالسوء، نفس خيّرة مطمئنة تأمر بالخير ونفس لوامة تساعد النفس الطيبة بإحساسك بتأنيب الضمير على كل ما قصرت في حقه. وفي أحيان أخرى تتدخل أصوات أخرى تدعي أنها منا لكنها ليست منا، إنما هي همس وسواس خناس على الآذان ليوسوس في صدور الناس، لا يقول أو يأمر بشيء إلا وفيه شر. وللأسف في كثير من الأحيان ينجح في إقناعنا فنختار ما يقول لنا، وبسببه تخرج أسوأ نسخة منا، وتساعده على ذلك أنت ونفسك الأمارة بالسوء، وفي كثير من الأحيان شياطين إنس تحيط بالبيئة والمجتمع تساهم بشكل رئيسي في تغيير لونك الأبيض الناصع إلى أسود حالك تدريجيا بعد استسلامك لكل هؤلاء. وقد يكون المرء نفسه في مرحلة ما مساهما في هذا التأثير السلبي من حيث لا يشعر.
•
Reply