أعود إلى المنزل، أمرُّ سريعًا على كلّ مشهد، وأفكّر: أنا ما عنيت أيًّا من هذا، ليس أنا، لا يبدو لي أنّ ذلك يشبهني.
أستشعرُ فراغًا كبيرًا في شخصيَ وأتساءل طويلًا: هل ملكتُ رأيًا في حياتي هذه، هل احتفظت طويلًا بشعوري تجاه الأشياء؟
كل خاطرة رهيبة تلوح في الأفق ألتقطها كمصيدة ذباب، رغم عدم تحيّني فرص ذمّ الذات لكنّي لا أملك إلا فعل هذا، إن كذبت وصدقت وآمنت ما ينفعني حين أهوي في مستنقع ذاتي؟
إني مستنقع كريه، إني كذلك، ولا أملك درأ هكذا تهمة عنّي لأنها الحقيقة،
حقائق لم أسع يومًا لمعرفتها، لكنها ترمي نفسها عليّ كلّما أغلقت هذه الأعين عن هول انعكاسي في كلّ مرآة.
لا أطلب الموت لأنّني أتمرغ في البؤس، ولا يبدو لي أنّي أخافه، وفي حين آخر أتمنى لو يكون بيني وبينه ما يكفي من الوقت -الكثير من الوقت- لأطمئن، ليهدأ روعي الّذي لا أدري كيف وأين يفيق، فيسحب النوم من عيني حتّى يكاد يقتلعهما، أريد القرار، أبتغي القرار، وفي حين أني أجهل مكانه، سأظلّ هكذا أرقب الموت، وأرتعد إذا اقترب.
ما ظننتني أبكيك قط، ولحظة لامست الكفَّين، ورأيتُ السنّ موضوعًا، والجدائل حُلّت، وجدتني أبكي، وإشاراتك بأن أصمت كانت تزيد من إفراز مدامعي لكلّ ذلك الحبّ الّذي أنكرت.