مُذكرة .. 5/5 الجمعة ، على طاولةِ المقهى .
أكتُب ..
ها أنا أنفضُ غبارَ الصمتِ من على وجهِ الكلمات.. وأحكي لكِ ،
شعورَ الدهشةِ الذي يعتري الورقةَ وأنا أحدثها عنكِ ،
لقد عبرتُ كلَّ صحاري الذاكرةِ لأبحث فيها ، عنكِ ،
عن نظرةٍ ، كلمةٍ ، ضحكةٍ، علقت بأغصانِ نسياني عندما خطفَ جمالكِ مسرعًا ، من أمامي، تاركًا وهجًا حولهُ مثل شهبٍ لامع، ورنينًا عذبًا مثل ضحكةِ طفلٍ صغير ..
لقد خفتُ من جمالكِ ، لأنهُ كانَ جميلًا ، فلم أملِك شيئًا سوى أني أغمضتُ عيني ثمَّ ضحكتُ ، من تلكَ الصاعقةِ التي نزلت بلطفٍ ثمَّ أحرقت غاباتِ حزني ، فركضتُ من ألمي إلى أملي، وأحببتك !
هذه البحيرة ليست ماء. كانت شخصًا تحدثتُ إليه طويلاً، ثم ذاب! ولا أحاول الآن النظرَ إلى ماء بل استعادةَ شخص ذائب.
كيف يصير الناس هكذا بحيرات، يعلوها ورق الشجر والطحلب؟!
قطرةً قطرة ينزل الموتى على بابي ومركبٌ يتوقف من أجلي تحت الشمس وجالية فقيرة من الرعشات تعود إلى الرمل.
لم أرتجف. لكني جُننت.
الماء بارد لكني لم أرتجف.
فقط ارتعشتُ قليلاً. ثم جُننت.
على سطح البحيرة ورقة، كانت عينًا.
على الضفَّة غصن، كان ضلعًا بشريًا.
أحاول الآن جَمْعَ الأوراق والغصون، أحاول جمع شخص كنت أحبُّه.
لكن مرَّ كثيرون من هنا،
جمعوا ورقًا وحطبًا ليشعلوا مواقدهم.
لن يتمَّ أبدًا جمْعُ شخص، لن يتمَّ جمع أعضاء كاملة، كثير منها احترق.
مع ذلك لا بدَّ من أن أعيد شخصًا كنت أحبّه. على الأحبَّاء أن يعودوا إذا ناديتهم، عليهم أن يعودوا ولو كانوا ماء، لو كانوا أمواتًا، لو كانوا طحلبًا..
على الطحلب أن يصير إنسانًا حين تستدعيه، ويأتي لو مبلَّلاً، لو مترهّلاً، لو عفنًا. عليه أن يعود صديقًا ولو مات منذ ألف عام.
يجب أن تكون هناك طريقة ما لجمع الناس عن الضفاف..
-وديع سعادة | استعادة أنسان ذائب.
كان حلمي يتركّزُ في أن أكون إلى جواركِ، ولو للحظة، واقفة أو أنتِ تمشين، دون أن تعرفي، أو دون أن يخطرَ لكِ؛ أنّ هذا الرجل المضطرب والمصاب بكِ سيطيرُ من النشوة، ويعربدُ فيه السُكر، لمجرد شعوره بأنه، ذات مرة، اقترب منكِ، بشكلٍ خاطف، فاشتعل فيه البرق، وصار مشعّاً،
من ألق الجَمال...
3/3/2023 .