أكتُب هنا كُل ما تجول إليه نفسي ، وكُل ما يجول في أنفُسكم ، ويجوبُ عقولكُم ، كُل ما ترغَبون أن تتحدثوا عنه ، كل الآلام التي نالت منكم ، وكُل الجروح التي تركت آثاراً في أرواحكم ، كل السعادة التي قد تعبركُم ، أو تُزهر في أرواحكم ، أنا هنا لأُعبر عَن مَا عجزت ألسنتكم عن الوشاية به ، وما عجزت دمُوعكم أن تثور لأجلُه ، وما حُبِسَ في قلوبكم خشية فراقٍ أو خِذلان أو طبيعة كتمان ، أنا هنا دوماً ، لأُعبر عن أرواحكم ، لأنثر دموعكم وآلامكم على هيئة حروف قد زينتُها تزييناً ، ليُضحى أقل ألماً من الواقع ، بعضُكم سوف يُصدم من تلك الحقائق القاسية ، والبعض سيتقبلها بمرارة ، البعض الآخر سيبتلعها كالغصة ستقف في حلقه ، بعضُكم سيضغط على نفسه رويداً رويداً لتقبُلها إلى أن تحرِقَ جوفه ، وبعدكم الآخر سيتهاوى ويتفتت إلى أشلاء دامية ، وأخيراً بضعة صغيرة مِنكُم ستتقبلها بصدرٍ رَحِب ، سيحاولون تغيير أقدارِهم ، بعضُهم سيفلح والبعض الآخر سينهار في مُنتصف الطريق ، ولكن نحن الصامدون الذين يعيشون بدون شعور من سنستطيع الإكمال إلى نهاية الطريق ، فقط نحن من سنصل بدون تقبُل الواقع أو الإنهيار أمام حطامه ، نحن المُحطمون من البداية ، من نملُك نِصف قلبٍ قد استحالته الأيام خراباً جُزئياً ، والنصف الآخر لازال يُعافِر كي ينال من الأيام لذة شعور قد فارقتهُ دهوراً..