TATAKAE108
بسمة خفيفة ارتسمت على شفاهي حين تذكرتُ تلك الصباحات، ويا لها من صباحات ! زمن جميل كان، أستيقظ على صوت أمي العذب تناديني لجلب الشاي الذي نفذ لها من محل أبي حينا، وأستيقظ على رائحة الرغايف التي تحضرها بكل حب وتنفث فيها رائحتها العطرة أحايين أخرى.. وكلها بدايات تغمر يومي بالطاقة الإيجابية والكثير من الحب… بعد أن أنظف نفسي وأتخلص من بقايا النوم، نجتمع إخوتي وأمي وأنا على مائدة الفطور نتبادل أطراف الحديث الذي في الغالب لا يسمع منه سوى ضحكاتي الصارخة، كانت ضحكتي عجيبة لكنها جميلة بشكل مختلف؛ هذا ما كانت تقوله أمي حين تحاول أختي مضايقتي بالتنمر على صوتي الضاحك.. أيام الأحاد هو اليوم المفضل لنا، كيف لا و برنامجنا المفضل يبدأ على الساعة التاسعة صباحا، نجتمع كالعادة ونفطر في جو مرح بالخبز الساخن وكأس شاي بمذاق مميز خاص بأمي، ثم نشغل التلفاز لنجد البرنامج التاريخي ذو الطابع البسيط التقليدي الجميل قد بدأ.. أتكئ على حضن أمي وأختي التي تكبرني بثلاث سنوات تتكئ على أختي الوسطى، أما أختنا الكبرى فكانت تتخذ مكانا قريبا من أخي الصغير المنهمك في التلوين.. جميعنا نشاهد بصمت التلفاز، وما يزيد الجو جمالا ودفئا حين تتناهى إلى مسامعنا صوت قطرات الحياة تتراقص على حواف النوافذ مشكلة أجمل الإيقاعات… يا له من جو بارد! لكننا لا نشعر ببرودته، فحبنا القوي لبعضنا البعض يضفي على الجو نفحات دافئة تخرس صقيعه. لم نك أغنياء ولا فقراء، كنا أناس بسطاء ينعمون بحياة هادئة في كنف بعضهم البعض، وغنانا كان يكمن في حبنا الخالص لبعضنا الذي لا تشوبه شائبة غدر أو حسد.. صحيح أننا تفرقنا الآن، أخواتي تزوجن ورحلن مع أزواجهن باستثناء واحدة، وهذه الأخيرة رحلت لتكمل دراستها كما فعلت أنا هذه السنة بعيدا عن المنزل.. وبعيدا عن أمي ودفئها.. تفرقت أجسادنا صحيح، لكن أرواحنا لازالت واحدة.. هو حقا وحشتنا تلك اللحظات السعيدة التي كنا نقضيها معا..تلك الصباحات العطرة التي كلما تبادرت إلى ذهني استنشقت منها رائحة خبز أمي.. ويا لها من رائحة ! أرجو أن نعود يوما لصنع مزيدا من هذه الذكرى، وهذه المرة بالمزيد من الأشخاص؛ ببنات أخواتي. أثق أنها ستكون ذكرى بنكهة خاصة، بنكهة الأطفال… مشاركة في مسابقة أحيِ الذكرى لفريق النقد.