كأنك طيفٌ مرّ بي من قبل، روحٌ عبرت حياتي في زمنٍ لا أذكره، لكنني أشعر به بكل يقين. منذ اللحظة الأولى، لم يكن بيننا تعارف، بل تذكّر، وكأنني التقيتك بعد فراقٍ طويل لم أدرك حدوثه. كانت عيناك بوابة إلى ماضٍ لا أستطيع تحديده، وصوتك صدًى لأحاديث دارت بيننا ذات زمن، ربما في حلمٍ، ربما في حياة أخرى.
إنه ذلك الشعور الغريب، مزيجٌ من الألفة والدهشة، من الحنين لما لم يحدث بعد، وكأن قلبي كان يعرفك قبل أن تخبرني باسمك. شيءٌ فيك يشبهني، يمتد في داخلي كجذرٍ قديم، كذكرى عالقة بين الحقيقة والوهم، بين ما كان وما سيكون. أنت لغزٌ مألوف، حكايةٌ قرأتها ذات يوم ثم نسيت تفاصيلها، حتى أتيتَ وأعدتَ قراءتها لي بعينيك، بنظراتك التي تفتح أبوابًا في روحي لم أعرف بوجودها.
لا أجد تفسيرًا لهذا الانجذاب، لهذا الامتلاء الذي غمرني حين التقيتك، وكأنني أخيرًا عثرت على شيء كنت أبحث عنه دون أن أدري. كأننا التقينا في زمنٍ بعيد، ثم تفرّقنا، ثم عادت بنا الحياة، بحيلةٍ ما، لنكمل ما بدأناه هناك، حيث لا ذاكرة، لكنّ القلب يتذكر.