مرَّةً أخرى قال:
سأعيد تركيب حياتي
خَلَعَ يدًا
ووضع مكانها زهرة
خلع عينًا
ووضع مكانها ثمرة
خلع قدمًا
ووضع مكانها شجرة
خلع فمًا، أُذُنًا، قلبًا ورئة...
ومشى في حديقته الجديدة
يبحث عن نفسه
ولا يجدها.
بعدما قال وداعًا وخرج
بقي منه ظلٌّ صغير يصنعه مصباح البيت
فمشى وراءه.
اجتاز البوابة ثم، فجأة، أطفأوا الضوء
ففقد طريقه.
في الصباح
حين فتحوا النافذة
رأوا ظلاًّ ينام
وحده على الإسفلت.
كان تقريبًا يبدد الوقت
رسم إناءً
رسم زهرةً في الإناء،
و فاح عِطرٌ من الورقة.
رسم كوب ماء
شرِب رشفة، و سقى زهرة،
رسم غرفةً
وضع في الغرفةِ سريرًا و نام...
و حِين استفاق
رسم بحرًا
بحرًا عميقًا
و غَرِق.
حينَ كانوا يجرِفون حِجارة بيته
لم يكُن له أن ينقُل حتى أعضاءه و ذِكرياتِه من رُكامها
الرُكام ذاك، كان حياته
و أرتطمت حياتُه بِه
في جُرف ذلك النهار مِرارًا.
كانوا يجرِفون حياتهُ كما يجرِفون الثُلوج
و ناسٌ و حقولٌ تذوب في عينيه و يدمعُها
نقطةً نُقطة
على أغراض البيّت، على المِعول، على خابيةِ الزيت
و على جرةِ الماء التي ملأها هذا الصباح
-كفى، لا تُقسم: إنني أعرف أنك قادرٌ على أن تشتعل مثل بارودِ المِدفع. لا تحكم عليّ إن أنا تحدثت هكذا...ليتك تعلم ليس لدي أحدٌ أبادله كلمة، أسأله نصيحة. طبعًا لا يجب أن نبحث عن النصائح في الشارِع، لكنك أنت استثناء.
-سترين...فقط، لا أدري إن كنت سأستطيع البقاء على قيد الحياة أربعًا و عشرين ساعة.