
ahlam___haloma
أسوأ أنواع الموت، هو موت لا يراه أحد… يحدث وأنت واقفٌ، تبتسم، وتؤدي دورك اليومي كما يجب. ليس كلّ عُطلٍ في العقل يُدعى جنونًا، ولا كلّ صمتٍ في الفكر هدوءًا. ثمّة حالة من الخمول الذهني، من الركود الصامت، من الانسحاب البطيء من عالم التساؤل والانبهار… نسميه مجازًا: تعفّن العقل. هي لحظة لا تأتي فجأة، بل تتسلّل مع التكرار، مع العادة، مع الاستسلام للإجابات الجاهزة. العقل الذي لا يتعرّض لتحديات جديدة، ولا يُعرض على مفاجآت فكرية، يبدأ في التكلّس… تمامًا كما يتعفّن الماء الراكد. الإنسان المعاصر، وسط زخم الحياة الرقمية، يظنّ نفسه مفكرًا لأنه يستهلك المعلومات. غير أنّ الفرق كبير بين التفاعل السطحي والتفكير الحقيقي. نحن نعيش في زمنٍ يُشبع الدماغ بالمحتوى، لكنه يُجوّع العقل من الداخل. تشير دراسة نُشرت في دورية Frontiers in Aging Neuroscience عام 2013، أن التحفيز العقلي المستمر "مثل تعلم مهارات جديدة، القراءة المعمقة، أو حل الألغاز المعرفية" يساعد على تأخير تدهور الوظائف المعرفية المرتبط بالتقدم في السن، بل ويعزز التوصيل العصبي في الدماغ. وفي المقابل، أظهرت أبحاث أن الروتين والجمود الذهني يقللان من نشاط مناطق في الدماغ مرتبطة بالمرونة العصبية والتفكير النقدي. أي أن الاستسلام لعقل كسول، حرفيًا، يجعل دماغك أضعف… وأقل قدرة على التعافي.

ahlam___haloma
تعفّن العقل إذًا ليس مجرد صورة بلاغية، بل حالة بيولوجية وفكرية معًا. حين نكفّ عن طرح الأسئلة، ونكرّر ما نعرفه دون إعادة نظر، فنحن نغلق نوافذ الهواء، ونترك أفكارنا لتتخمر حتى التعفن.
•
Reply