
alane_0
كأن الحياة كانت تُصر على اختبار مجيدة في أصعب الطرق الممكنة. بينما كانت تتراجع في الظلام، كان لا يزال هناك شيء واحد يربطها بالعالم: أخوها التوأم، مجد. كان مجد الشخص الوحيد الذي لم يتخلى عنها، والوحيد الذي فهم صمتها، وصارع معها الألم نفسه. كان دائمًا إلى جانبها، يراقبها، يطمئن عليها، ويحاول أن يطفئ الحريق الذي يعصف بروحها. لكن مهما كانت محاولاته، كانت مجيدة في داخلها تتحطم أكثر. كانت حياتها عبارة عن سلسلة من الذكريات عن سلمى. كانت تتخيلها أحيانًا في أحلامها، كأنها لم تمت، وكأنها لا تزال تستطيع أن تلقي نظرة أخيرة على العالم وتبتسم. لكن الحقيقة كانت أن سلمى قد رحلت بشكل مروع، والوحيد الذي كانت تبكي لأجله هو نفسها. حتى المرض الذي أصابها، لم يكن سوى انعكاس لما مرّت به. فقدان المشاعر لم يكن مجرد مرض جسدي، بل كان الجسد مجرد وعاء للألم النفسي. أصبحت لا تستطيع أن تشعر بالحزن كما كانت من قبل، لم تعد تفرح كما كانت، بل أصبحت تتفاعل مع كل شيء وكأنها آلة، تدور في الحياة لكنها لا تشعر بها. لكن مجد، الذي كان قلبه لا يزال ينبض لها، لم ييأس. كان يعيد لها الحياة شيئًا فشيئًا، حتى لو لم تستطع هي أن تشعر بذلك. كان يحاول أن يعيد لها ضحكتها التي سُرقت، وكان يرافقها في كل مكان، يتحدث إليها عن أمور تافهة، كما لو كان يريد أن يعود بها إلى الماضي. وفي يوم من الأيام، أثناء حديثهما في أحد المقاهي الهادئة، تحدث مجد بهدوء، قائلاً: "أنتِ لستِ وحدكِ، مجيدة. أختكِ كانت تحبكِ، وأنا أيضًا. سويًا، سنتجاوز كل هذا." تلك الكلمات، على بساطتها، كانت كالسحر بالنسبة لها. في تلك اللحظة، شعرت بشيء لم تشعر به منذ فترة طويلة: أن هناك من يهتم، أن هناك من لا يزال موجودًا لأجلها. ورغم أن مجيدة كانت لا تزال ضائعة، كانت خطوة صغيرة نحو الشفاء قد بدأت.