ayoosha-queen
نزوح قسري لم يجول في خاطري يوماً الرحيل وهجر ديارنا للتغرب لكن جار الزمان علينا، وخرجنا مجبرين بفعل الحرب وضيق المعيشة وإختفاء السلع الغذائية الضرورية وصعوبة الحصول عليها. ثلاثة أيام تحت القصف والرصاص والطيران الحربي يحلق في سمائنا، لم تكن مجرد ثلاثة أيام فقد كانت أسوء أيام حياتنا قاسينا فيها حرب نفسية وكوابيس لا تنتهي، سرقت بهجةالعيد من أعيننا ولم نستمتع بالعشر الأواخر من الشهر الفضيل، لا نوم مثل المعتاد ولا راحة وتوقف دولاب الحياة لتصبح الساعات تمر كالسلحفاة والدقائق ترافق الحلزون. مع طلوع فجر اليوم الرابع عزمنا عقدة الرحيل فحزمنا أمتعتنا وكلنا أمل بالعودة بعد بضعة أيام، خرجنا نحو المجهول قاصدين بلد أجدادي حيث توجد جدتي وإخوة أبي. وصلنا مع اقتراب الشمس نحو المغيب، ترجلنا عن العربة لنلتقي بأعمامي يستقبلوننا بحفاوة فقابلناهم بالمثل رغم التعب والهلع الذي يسكننا حاولنا جاهزين إغتصاب الإبتسامة لتلك الوجوه المبتهجة بقدومنا. كنا نظن أن الأمر لن يدوم طويلاً اسبوع أو عشرة أيام على الأكثر لكن الاسبوع مضى وعقبه التالي حتى اكتمل الشهر والأيام تتوالى ليحول الحول علينا، ونحن ماكثون على أكتاف عمي الذي منذ قدومنا تكفل بنا، فخرج أخي يبحث عن عمل ليخفف عبئنا الذي بات ثقيلاً وانتهى به المطاف أخيراً ليصبح معلم في إحدى خلاوي القرى القريبة نوعاً ما لقريتنا. دائماً ما أهيم في ذكريات مديتنا ومنزلنا متسائلة تري كيف حال مديتنا ومنازلنا؟ أمازالت خالية كما تركناها أم رجعت كما عهدناها سابقاً، خرجنا مضطرين لكننا عائدون لنجدد الميثاق، فلا والله لن ننساك ما دام فينا قلب ينبض، سنرجع ونعيش أيامنا من حيث توقفنا ونعاود لنصنع المزيد من الذكريات الجميلة، نازحين وغداً سنعود للديار. انتظروني قريباً في روايتي الجديدة المقتبسة من واقعنا الذي نعيشه اليوم رواية بعنوان "نزوح قسري". عائشة الطاهر