"الكتابة، تلك الحفرة العميقة التي تبتلع كل شيء. تُكتب الكلمات كما لو كانت تنزف من أعماق النفس، وكم هو سخيف هذا العالم الذي يظن أن الأدباء يخلقون من طيب قلوبهم ما يفرح البشرية. كذب. الكتابة هي الجنون الذي لا يهدأ، هو التفنن في تحطيم الأمل قبل أن يعرف الإنسان أنه يملك شيئًا يستحق الأمل. جاؤوا ليقولوا لي: "أنت تكتب لتغيير العالم؟" فقلت لهم: "أنا أكتب فقط لأنني لا أستطيع الوقوف في وجه النهاية، وأنا أسبقها بألف خطوة إلى ذلك المكان الذي لا يعود منه أحد."

نعم، نحن، الكتاب، نصنع الأكاذيب كي ننجو من الحقيقة، ونتنفس الموت عبر الكلمات. لم أعد أعرف هل الكتابة ستحررني أم ستدفعني أكثر إلى هذا الهوامش المعتمة التي أبحث فيها عن بداية جديدة كلما ضاع مني معنى النهاية. إنني هنا، أغمس قلمي في الدماء، لأن هذه الحياة التي أعيشها هي الأسطورة الوحيدة التي تستحق أن تكتب. ومع ذلك، في لحظة، أدركت أن هذا الجنون هو الحرية الوحيدة التي أملكها.

الموت؟ هو الكذب الذي نروي به أحلامنا المكسورة. سأظل أكتب عن الخراب، لأن الكتابة هي تذكرتي إلى الجحيم "يا لهذا العالم البائس، الذي يظن فيه الجميع أن الكلمات يمكن أن تضع حدًا للدمار، وأن الحروف ستطفيء الحريق الذي يلتهم الروح. الكلمات، يا عزيزي، هي النار التي نستخدمها لندفن أنفسنا. في كل كلمة، في كل حرف، أجد جزءًا من هذا الخراب الذي يصنعني. أفكر، أكتب، ثم أندم، ولكنني لا أستطيع التوقف. الجنون؟ هو أن أظن أنني أملك السيطرة على شيء غير ألمي. الكتابة؟ مجرد خرافة نتداولها، نقنع أنفسنا أننا نملك الحل بينما نحن نغرق في الطوفان.

لكم أضحك عندما أسأل نفسي: هل سأغير شيئًا في هذا العالم المظلم؟ هل سيتذكرني أحد بعد أن أكون قد تحولت إلى ركام من الذكريات المكسورة؟ لا. لا أحد سيذكرني. سأظل أكتب، لأن الكتابة هي الهمس الأخير للروح الميتة التي ترفض الاعتراف بموتها. الموت هو الحقيقة الوحيدة، أما الحياة فهي مجرد علبة فارغة نحشوها بالأوهام.

وكلما شعرت بألم الكتابة، شعرت أنه هو الألم الوحيد الذي يجعلني حيًة. هل أنا مجنونة؟ ربما. لكن الجنون هو الذي يرفعنا إلى قمة الهاوية، وفي تلك اللحظة، نرى العالم على حقيقته: خراب. ولن يلتقط أحد أنفاسه بعد أن نكتب عن هذه النهاية. لأننا، ببساطة، نكتب عن أنفسنا، عن سقوطنا الأخير."
  • JoinedDecember 22, 2024


Following


1 Reading List