"واعلم يابني أن الملكين يحصيان ألفاظك ونظراتك، وأن أنفاس الحي خطاه إلى أجله، ومقدار اللبث في الدنيا قليل، والحبس في القبور طويل، والعذاب على موافقة الهوى وبيل، فأين لذة أمس؟ رحلت وأبقت ندما..وأين شهوة النفس؟ كم نکست رأسًا، وأزلت قدمًا.."
وما سعد من سعد إلا بخلاف هواه، ولا شقي من شقي إلا بإيثار دنياه..فاعتبر بمن مضى من الملوك والزهاد، أين لذة هؤلاء؟ وأين تعب أولئك؟ بقى الثواب الجزيل، والذكر الجميل للصالحين، والقالة القبيحة والعقاب الوبيل للعاصين، وكأنه ما جاع من جاع، ولا شبع من شبع.