faemor

يأتِ بِها الله.

vshymadwitch

@faemor 
          	  إنه على كل شيء قدير 
Reply

faemor

للتاريخ صدرٌ رحِب يُتقنُ جيدًا ترويض بقايا الشعراء المنسية على الورق
          وأنا؛ 
          كمن وُلِدَ بلا صوت 
          أودُ أن أخدِش سُترة العالم بيدي 
          وأن استبدل الصُراخ بالنواحِ على الورق
          أنا؛ شاعرٌ فارغ 
          بقلبٍ صدئ
          وذاكرةٌ ضخمة بحجم العالم 
          أنا؛ الناجي الوحيد من سلالة الضعفاء
          بداخلي كومةُ جنائزٍ ترتعد
          أمضي بوجهٍ مُسود
          بنصفِ قلب
          وبمجموعةِ أفكارٍ خُمرت لسنواتٍ داخل عقليَّ الصغير
          أنا؛ مأذنةُ مُتهالكة 
          تشيُء بي عصافير الوطن كُلما 
          تجشئتُ بالقرب من أوكارها 
          وتصرخ
          "اِقضموا فم هذه المُعضلة" 
          هكذا أنا؛ الرجلُ الأقلُ حظًا بين عديمي الحظ
          وحديّ من تنازعت فوق رأسهِ غِربانُ الأسى
          أقول:
          عِلتي أني ولدتُ بكرًا
          مُهمشًا؛ كما رصاصةٍ ميتة
          ومُعلقٌ بماضٍ مشوش 
          أوضحُ ما فيهِ؛ خساراتي
          كانت الأمنية أن أغادر بعيدًا
          عن هذا المكان المُعطر برائحة البارود
          إلى تِلك المنافي الحُبلى برائحة الحنين
          هُناك؛ حيثُ كُل الوجوهِ يُغطيها الشوق
          وكُل الأمكنةِ جمادات لا تُتقنُ صُنع المشاعر
          وأنا؛ شريدٌ مُغطىً بثوبِ الخوف
          تعتصرُني الذكرياتُ حد التمزُق
          ويُرمِمُني صوتُ أمي. 
          
          _مُجتبى.

faemor

"البارحة، في السّاعة العاشرة مساءً ودقيقة.. أرسلتُ نقطة."
          
          أردتّ أن اتذكّر جمال العالم.
          عامٌ كامل طويتُ معه مراقبة النجوم خوفًا، إذ أنها بدت على البعيد أضواء رصّاص يتحيّن هنيهة غافلة فيهوي شهابًا يحقّق أماني موتٍ بعيدة ودفينة أسفل جسدٍ يرتعد لمرأى عباءة ملَك الموت.
          
          لكن اليوم، لم يكن هناك أضواء رصاص، بل ثمّة أصواتٌ، أصواتٌ باتت جارتنا، تحوم في الأثير كأنما تجوالها هذا رافق الأُفق منذ بدءِ الخليقة، والنجوم مجرّد نجوم، أضواء ميتة لا تحمل الموت.
          
          استطعتُ أن أرفع رأسي هذه المرة، وأرى الأخوات السبعة هذه المرّة، كما كنّ هناك مُنذ عامين. وكما لم يكنّ منذ عامٍ.
          ..
          
          البارحة، في الساعة العاشرة مساءً ودقيقة.. أرسلتُ نقطة.
          
          لأن البدايات مُربكة.
          ولأن البشر مجبولون على نقمةِ اللواذ.
          ولأن الحُزن أثمن من أن يُسرد.
          
          وذلك كان قد ذكّرني..
          
          بأسابيعَ من القلق، الأسابيع أضحت شهرًا، والشهر نال رِفقة أيّامٍ يضيفها لجيوبه الثلاثين. وما بين كلّ هؤلاء؛ كنّا آنذاك.. ننبش بأسماء الموتَى بحثًا عن شاهد قبرٍ يخصّ مُجتبى، نقضم أظافرنا وتغور محاجرنا، ونعيد الكرّة كلّما استجدّت الأجساد المتساقطة.
          
          بيد أنّه عاد ذات يومٍ بهدوء، في وقتٍ مجهول، برسالة مقتضبة: "أنا والأسرة الكريمة بخير والحمدلله" واكتفى. فاستعجبت، كيف له أن يقدّ ثياب خوفنا المتراكم فوق بعضه بإبرةٍ هزيلة؟ في حين أن الأخبار.. مزّقتها تمزيقا؟!
          
          لكنه لم يقل شيئًا.
          الأخبار كانت تقول أنهم قتلوا ومُثّل بهم، كل يومٍ هو بدايةٌ لجنازة جديدة، ويستمرّ نعي الهلالية إلى ما لا نهاية حتّى ملّت الأخبار، الأعداد تنمو، والقوائم تستطيل بأسماء الضحايا، من مات نجا، ومن نجا مات.. إلّم تنسلّ روحك من ثقبِ رصّاصة؛ فسيفعل سُمٍّ تتجرّعه وأنتَ مدركٌ إلى أين قد يقودك.. كما لو أنّك بين النار والنار، كما لو أنك سفينةٌ بين سكيلا وتشاربيدس.
          
          لكنّه نجا.
          ولم يقُل شيئًا.
          اعتمر قبّعة الصمت، وأخرج من جوفها أرانب من قصائِد.
          خُدعة تمويه.
          لكن جميعهم لهم الخطم نفسه:
          «في ذلك اليوم
          لم يحدث شيءٌ يُذكر».
          ثم يتضخم الأرنب
          تنمو له مخالب
          وفاهٌ كفيه ذئبِ ليلى في ثيابِ الجدّة
          أسنانه من لُغة شرِهة، نهِمة، وتمزق اللحم في صمتٍ مُطبق.

faemor

-
            بتثرثر لأسابيع عن "ماذا لو حدث؟"
            بس لما يحدث فعلًا.. بتلقى ما عندك حاجة لتقولها.
Reply

faemor

البارحة، في الساعة العاشرة مساءً ودقيقة.. أرسلتُ نقطة.
            
            لأنه في ذلك اليوم
            أنّى بات في يدي هلاليّة تخصّني؛ 
            لم يحدث شيءٌ يُذكر.
            
            وأرنبي مات كأرنبٍ
            هناك
            عند تلك النقطة
            على باب جدّة ليلى
            مُطبَق الفيه.
            
            آنذاك علمتُ لِم صمتَ مُجتبى، وتكلّمت قصائده..
            لكنني على الصعيد الآخر، كما قال ذات مرّة:
            «شاعرٌ لا محلّ له من الدهشة
            عششتْ عناكب الصّمت في أصابعه؛ 
            احترِق ولا أضيء.»
            
            شاعرٌ صامت تحترِق كلماته وتموت.
            يضيء كالشموع؛ لا الأنجمِ. 
Reply

faemor

"أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ؟
          نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ؟ أو أمْسِيهْ
          نشغُلُهُ؟ نُقْنعهُ بلعبةٍ؟ بأغنيهْ؟
          بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ؟"
          - نازك الملائكة.

faemor

لا تثقل ظهري
          أجنحة الملائكة
          ويداي هزيلتان
          ليستا طويلتان؛
          كمخالب الشياطين.
          
          لا يمكنني أن أحلق
          صوب السماء الغائمة
          إلى الجنّة.
          ولا يمكنني
          أن أخدش باطن الأرض
          انزلاقًا، للجحيم.
          
          لن استطيع أن أصبح ملاكًا واحدًا.
          لكن يقال لي
          أنني الإنسان
          أسوأ من ألف شيطان.
          
          —تهويدة من أرض يورك، أوديسّا الشفق.

faemor

في الصباح التالي، لم تكد تصدّق أنغربودا أنّها هي نفسها، وأنها ليست روحًا هامت طويلًا في الكون حتّى وجدت جسدًا صحيحًا تتلبّسه.
            
            كانت بخير، كانت بأتمّ عافية، وجسدها ينبض حيويّة. كالأفعى حين تنسلخ من جلدها؛ كان ذلك الشعور بالولادة من جديد يعيث بكيانِها غبطةً.
            
            مع أنها لا تفهم بالضبط، آخر ما تتذكره هو تهويدة ڤيدرا، وأن شيئًا ما حدث جعلها تعيش ذكرى حيّة غريبة.. عن حوريّة أوحشتها ظلمة أعماق البحر. ولتصل إلى النور المتبعثر في خيوطٍ نحيلة.. لزِم عليها اتّباع غناءٍ ما لم تسمع مثله قبلًا، ذلك الغناء كان دليلها الوحيد للسطح.
            
            لكنها لم تصل أبدًا، ولم تستطع اتّباع الصوت. لأنه بدا قريبًا جدًّا.. وبعيدًا للأبد في الآن نفسه. 
Reply

faemor

الصوت الرخيم، الهادئ، والخافت.. ثقَب وعيها، وأحسّت أنغربودا بأن السكينة تدفعها حثيثًا ناحية ذلك الثقب.. حتّى هوت عميقًا إليه. وغابت عن العالم.
Reply

faemor

انغربودا كان عندها حقّ لما قالت عليها تهويدة فظيعة.
Reply

faemor

فجأة وأنا مندمجة مع قراءة مسودة الفصل الا القى حوار عامّي بوجهي وبلعت الصدمة وخرب أمّ الجوّ.

faemor

المشهد مؤثر وفجأة سليمان يقول "ديل مفترض يكونوا مفهومين لايك دي كدا ودي كدا بس شف ما عدت قادر" XD
Reply

faemor

البنات يقعدوا ساعتين يقنعوني ما أعدّل ما يعرفوا مالذي أقصده لما أقول اني فعلا فعلا اكتب من آخر نفس وأسلّك. 
Reply

faemor

لما خلقي يضيق وانا اكتب فأسلّك بأيّ حاجة:
Reply

faemor

في ذلك اليوم
          لم يحدث شيٌء يذكر
          سوى أنني كُنتُ أُراقبُ أمي وهي
          تلفِظُ أنفاسها بتقطعٍ على طريقة الموتى
          كان أخي الأصغر يبكي بصمتٍ عند قدميها
          كانت عيناه صغيرة 
          صغيرة جدًا، وحجم الحزن فيها أضخم من جبال الشرق أجمع
          لا أدري
          لماذا لم أبكي! 
          حتى عندما أبصرتُ شقيقي الآخر 
          مُتكئًا هناك على جدارٍ إسمنتي 
          وأصابعُ يديهِ تكاد أن تثقب الجدار
          لقد كان مُنتفخًا بشعور الفقد الذي بات كغيمةٍ ضخمة 
           تقترب ببطء من حياتنا. 
          
          في ذلك اليوم 
          لم يحدث شيٌء يذكر 
          كانت السياط تلعب على ظهورنا ببجاحة
          تثقُبُ كهوفًا من الآلم عليها
          وتصنع ألف علامةٍ من الذل على وجوهنا. 
          
          في ذلك اليوم 
          لم يحدث شيٌء يذكر
          كانت البلاد مظلمة 
          وكُنا في بيوتنا  ليلًا
          نتحاشى الصِدام لكي لا نحدث ضجيجًا
          يستيقظُ لإثرهِ صباح البندقية. 
          
          في ذلك اليوم 
          لم يحدث شيٌء يذكر
          كان الجميع يبحث عن طريقةٍ يمشي بها
          دون أن تلامس أرجلهم التراب 
          وفي النهاية؛ 
          كافئهم الموت بنزهة قصيرة على أكتافٍ أربعة. 
          
          في ذلك اليوم
          لم يحدث شيٌء يذكر
          كل الأشياء كانت عادية 
          كل الأفواه كانت تصرخ 
          كل طريقٍ في المدينة أضحى مرقدًا لجثة
          ومن لم يمت برصاصة 
          فقد مات بالإنتظار المُلطخ بالخوف. 
          
          -مجتبى.

faemor

كلماته اتخذت نقلة عجيبة بعد رجع، واضح تمام الوضوح ان مجتبى قبل الانقطاع القسري ما نفسه القدر يرجع لينا
            كيف تحول شاعر يتغنى بالحب لشاعر لا يكتب شيئا سوى الحرب :(؟ 
Reply

faemor

الهلالية كانت تُنعى بالأرقام، أشبه بالبيت اللي بتسمع أهله بصرخوا بداخل جدرانه بس الأبواب والنوافذ مؤصدة.
            قصائد مُجتبى.. الناجي منها.. بحس بيها بتصور الفاتنا، واللي ما قدرت الأخبار توريه لينا..
Reply

faemor

لنُلطخ سيرة الموت بعدم البكاء
          هكذا كانت تقول أمي ذات صباحٍ ملئ بالرصاص
          تذكرت لحظتها صديقي وهو يقبع تحت أقدام الجنود
          هناك في أخر الشارع
          :ينادي بأعلى صوته
          "أنا لا أخشى الموت"
          تذكرت جارنا العجوز وهو يغني 
          يبتسمُ في وجه البندقية 
          ويكتب الشعر 
          تذكرت جميع الذين هربوا بعيدًا
          لحظة خروج الدم من أنف الوطن 
          تذكرت 
          النساء وهُنَّ يغسلن أوعية الوقت العصيب بالإستغفار
          تذكرت رائحة جدي التي إلتصقت بأنفي
          حين كُنتُ طفلًا لم يدري بعد بأن الأبيض أحيانًا
          قد يغدو لونًا للرحيل
          تذكرت هذا الفراغ الملئ بالدعوات
          هذه السماء التي رفضتنا عندما نمى في دواخلنا حب الموت
          تذكرت صباح الأحد
          حين كنا أنا وأبي قادمين على ظهر
          حِمارٍ أسود
          نُقهقه بأعلى صوتنا
          ونزرع الموسيقى على جنبات الرصيف
          تذكرت كل هذا
          ومن ثم أيقنتُ بأن جسد بلادي كان ضخمٌ جدًا
          ضخمًا للحد الذي لم نستطع من بعده أن نوقف النزيف
          رُبما في تِلك اللحظة
          والكل يردد أغنية الموت
          ينظر إلى أعلى ويلمحُ فوهة قبيحة تقبل رأسه
          ويظن بأنهُ هالكٌ لا محالة
          رُبما كان علينا أن نؤمن لحظتها فقط
          بأن البنادق أحيانًا قد تغدو طريقًا مختصرًا
          إلى الراحة
          كم أخشى عليكِ يا بلادي
          من تِلك اللحظة التي نُخرَجُ فيها من بطنكِ كالجزام
          أخشى أن يقولوا بأنكِ كنتِ سيئة
          سيئة للحد الذي جعلكِ تلتهميننا دون هوادة
          آهٍ لو يعلمون كم كانت أرصفتُكِ دافئة
          وكم كان عمركِ صغيرًا على أن ينال كل هذا التعب. 
          
          _مجتبى.