Villains78

{١٢ من نوفمبر ٢٠٢٥}
          
           -إلى صديقتي الأولى و الوحيدة التي آمل أن تكمل معى إلى خط النهاية، درر مسلم.-
          
          لا أعلم من أين حرى بي أن أبدأ لقد تغيرت الكثير و الكثير من الاشياء في حياتي عقب توارِكِ عنها. دعيني أبدأ منذ الشهر التاسع. أصبحت الأمور تتغذي منحنى أسوء معي. لقد بدأت الدراسة في يوم الواحد و العشرون من سبتمتبر و لم اذهب و لو ليوم واحد. كان عقلي يلتهمني. اصبت بالصرع عدة مرات و كان القلق ياكلني حية، وصل بي الأمر لتعليق المحاليل العلاجية لأستطيع الأكل و أستخدام معدتي كما يفعل المرء المعافي. بعد تشاور مع عائلتي و أخذ بالاعتبار كلا من حالتي الصحية و النفسية قررنا نقل أوراقي و حزم أغراضي للبدأ في مدرسة أخرى تبعد عنا ثلاثون دقيقة ذهابًا و ثلاثون أخرى أيابًا  و لو تعلمين أنه لشئن كبير في القرى المسافات فوق العشر دقائق رُكوبًا.
          
          أنتقلت ألى تلك المدينة الجميلة تطل على ضفاف النيل و تقترب من مدينة المنصورة العظيمة في حدودها. في البداية حظرتني والدتني من الأناس هناك قائلة أنهم صعب المعاشرة و لا ينفتحون للاغراب بسهولة لكن فاجئتني حقيقية ودهم الزائد عندما وصلت. تشاطرني المقعد فتاتان الأولى تدعى منة الله و الثانية جنى كلتاهما متفوقتان دراسيًا و على خلق. المعلمون مرحبون للغاية.
          
          الأ أنني و كعادتي لا تستمر لي السعادة. ما زلت أشعر بذلك الخواء و الحنين و اتسأل كيف لأنسان أن يشتاق إلى الجحيم عينه. كيف يشتاق له بعد أن قطع شق الأنفس للخروج منه؟ و صدقيني يا عزيزتي لا امتلك ايه إجابة على الإطلاق. أشعر أحيانا بأنني ملعونة بالعودة إلى هذه البلدة في نهاية كل دائرة مغلقة. يبدو أن المجروح من وطنه لا يشفي أبدًا. و أين عساه أن يذهب و هو راجع لا محالة على قدميه أو داخل تابوته كلهم سيان. في اليوم الأول بكيت بشدة بكيت من الشوق رغم معرفتي التامة بأن ما حدث قد حدث و أن ما ذهب لا يمكن ان يعود و حتى أن عادت الأماكن لن يعيد أحدهم احاديثها أو اصدقائها أو مواقفها.
          
          

Villains78

@Villains78 
            و على ذكر الصداقة. 
            أنني في مأزق يا عزيزتي. تشطرني الوحدة و تمزقني أربًا  أربَا لقد كنت قابلت رهف منذ أسبوع تقريبًا ، نعم رهف صديقتنا. فقد غفلت عن ذكر أنني انتقلت للمدينة حيث تسكن هى ضواحيها. لقد تقابلنا بعد صداقة دامت أربعة سنوات إلكترونيا وجها لوجه. لقد كانت جميلة. آية في الجمال. كلاتنا كان متوتر. كانت تتجه للجامعة بينما انا اتجه للمدرسة. تقابلني لدقائق معدودة إلا أننا سرعان ما نتشاجرنا يوم الأثنين حيث قللت من مشاعري و أحساسي اللامنطقي بالوحدة و الحنين. لم اجادلها و اكتفيت بحذف رسائلي و قول السلام. أعتذرت لي و قبلت اعتذارها. إلا أنني أشعر بأن شيئًا تغير منذ ذلك الحين.
            
            و الجزء الأسوء يا عزيزتي أنني أفتقد حلا.
            
            الأمس كنت قد شارفت على أنهاء الرواية التي لا طالما قررنا مجادلتها معًا "ينتهي معنا" منذ الصفحة الأولى و انا أشعر برغبة ملحة في أبداء رأي و مناقشة كل صغيرة و كبيرة لكن مع من؟ فلا يوجد أحد هنا. أخذتني ذكريات للعام الماضي تحديدًا اكتوبر، حيث كان السوق بأكمله يسمع مجادلتنا حول لوركان و تحليلاتنا إذ كان نولان يحب مورغان حقَا أم لا.
            
            الحياة التي كان من الممكن أن أعيشها.
            
            و هنالك أنتِ. أنتِ يا درر. لن اكذب عندما اقول أن الشوق غيرني. لم أصبح صمتاء. بل خرساء. لا أتحدث ولا اتكلم لم أعد اعرف ماهية الكلام. تعودت على الكتم بداخلي بعد أعوام من الفضفضة إليكِ يا عزيزتي. ماذا عساى أن أفعل. لا أجد أيه أصدقاء يا درر غادرت الوطن و لم أجد. سافرت ركوبًا و لم أجد. لأنه على ما يبدو لا شيء يستطيع أن يهجر الوطن من المرء و أنتِ وطني. أشتقت لأخذ لقطات شاشة لسطور الروايات مناقشة أياها معكي. و تسجيل تسجيل صوتي طويل أقص فيه عليك ما تيسر من يومي. ماذا عساى أن أفعل من دونك يا درر؟ يا درة قلبي.
            
            و مع ذلك لا يكف لساني عن ذكرك. في كل صلاة أسأل الله أن يجزيكِ خير مذاكرة و أن أستقيظ علة خبر وصولك للمركز الأول على العراق بأكملها و ليس محافظتك فقط. أتمني فقط أن يكون كل شيء بخير.
Reply