insomnia2004

وأما أنا، الكاتبةُ التي روت هذه الحروف بدمعٍ مقهورٍ وقلبٍ لا يهدأ، فأقول: قبلتُ قضاءَ الله وقدره، لكني لم أقبل بحبالِ الخيانةِ ولا بجبروتِ من سلبوا أنفاسَهم. يَقتُلني الصمتُ أكثرَ مما يقتلهم الرصاصُ؛ يقتلني أن يَمرّ الدمُ دونِ أن يرتعشَ ضميرُ أحدٍ. سأبقى حاملةً لوجعهما في حنجرتي، أصوغُ من الحنينِ إلى أنسٍ وصالحُ لواعجَ لن تذوبَ إلا حين تُردَّ الحقوقُ لأصحابِها. وإن كان القدرُ قد قضى فهما إلى رحمةٍ أوسع، فجرحي من بعدِهما عهدٌ لا أبرأُ منه إلا بالعملِ والدعاءِ والصدقِ مع النفسِ والحقّ .

insomnia2004

وأما أنا، الكاتبةُ التي روت هذه الحروف بدمعٍ مقهورٍ وقلبٍ لا يهدأ، فأقول: قبلتُ قضاءَ الله وقدره، لكني لم أقبل بحبالِ الخيانةِ ولا بجبروتِ من سلبوا أنفاسَهم. يَقتُلني الصمتُ أكثرَ مما يقتلهم الرصاصُ؛ يقتلني أن يَمرّ الدمُ دونِ أن يرتعشَ ضميرُ أحدٍ. سأبقى حاملةً لوجعهما في حنجرتي، أصوغُ من الحنينِ إلى أنسٍ وصالحُ لواعجَ لن تذوبَ إلا حين تُردَّ الحقوقُ لأصحابِها. وإن كان القدرُ قد قضى فهما إلى رحمةٍ أوسع، فجرحي من بعدِهما عهدٌ لا أبرأُ منه إلا بالعملِ والدعاءِ والصدقِ مع النفسِ والحقّ .

insomnia2004

واكتبُ الآن عن أنس... ذاك الذي سبق صالح في الرحيل، لكن روحه لم تبرحنا، بل تظلّ تهزُّ وجداننا كلما خطر ذكرُه في الأفق.
          
          أنس، يا من حملتَ رسالةَ غزة في قلبك، يا من سهرتَ لتسمع العالم صرخةَ المظلومين، كنتَ شعلةً لا تنطفئ، وها نحنُ اليوم نحسّ بك حيًّا في كلِّ نفسٍ يتأوه من قهرٍ وعدوان. كانت خطواتك على الأرض خافتة لكنها صاخبة في ضمائرنا، وابتسامتك—حتى في أصعب اللحظات—كانت توقظ فينا أملًا لا يموت.
          
          القهرُ على فقدك ينهش القلب كما تنهش النار الحطب اليابس، والغضب يشتعل كبركانٍ مكبوتٍ حين نتذكّر كيف أزهقوا حياتك غدرًا، وكيف أسكتوا صوتك الذي كان يصدح بالحق. أولئك القتلة—سواء كانوا جواسيسًا أو عملاء أو الاحتلال ذاته—لن يفلتوا من حسابٍ إلهي، ولن ينجو ظلامهم من نور العدالة.
          
          اللهمّ اسكن أنس فسيح جنّاتك، واجعل قبره روضةً من رياض الفردوس، واجمعه مع الصالحين والشهداء الذين لا ينقصهم سوى قدومنا لنلتقي بهم. اللهمّ اجعل روحه ملاذًا لنا، وارزقنا القوة على حمل رسالته كما حملها، ولا تتركنا نضعف أمام الظلم.
          
          نقف أمام صورته في الذاكرة حيًّا، نسمع صوته يهمس لنا: «استمرّوا... لا تسكتوا... لا تُسلموا صوت الحقّ للظلمة». وكل دعاءٍ نرفعه اليوم له هو صرخةُ حياةٍ في وجه القتلة، وضوءٌ يلاحقهم حتى في أحلك الليالي، أن يجعلهم عبرةً لكل من تجرأ على سفك دم بريء.
          
          أنس حيّ... حيّ في كل قلبٍ يرفض الظلم، حيّ في كل كلمةٍ تُرفع دفاعًا عن الحق، حيّ في كل دمعةٍ تحنُّ لحريةٍ لم نبلغها بعد.

insomnia2004

اكتب، واكتب، واظلُّ أكتب... ولكن هذه المرّة نقفُ وقفةَ حدادٍ حيًّا على صالحِنا، كأنَّه لم يبرح من بيننا؛ كأنَّ قلبَه ما زال ينبضُ بصوتٍ يرفضُ الخمود.
          
          يا صالحُ—يا صوتَ الحقِّ الذي لم تَكفَّ أن تحمله رايةً بين يديك—ها نحنُ نراكَ حيًّا في ذاكرتنا، تتحرّك كالظلِّ في شرايين المدينة، تهمسُ لنا: لا تسكتوا، لا تَرْضُوا بالظلم. وجنتاكَ حارقتان من غربةٍ لم تُطفئها سنون، وعيناكَ تَسْتَعرانِ غضبًا كبركانٍ لا يُخمد.
          
          القهرُ ينهشُ صدورَنا—قهرٌ مُرٌّ كالعلقم، يغلي فينا حتى أصبحت الكلماتُ لهبًا لا يطفئه سوى الحقّ. والغضبُ في صدورنا صوتٌ يزدادُ حجماً كلما تلفّتّا إلى حيثُ الجواسيسُ والخونةُ والاحتلالِ، الذين نكّلوا بحياةٍ كانت تنقلُ صوتَ غزة بصدقٍ ووفاء. أُمسكُ بيدهِ في خيالي، فأنطقُ باسمهِ، وأغرسهُ في أفقِ الذاكرة كي لا يسمحَ النّسيانُ لشرورهم أن تعيش.
          
          نرفعُ لهُ الدعاءَ، ونبكيهُ باللسانِ والقلبِ: اللهمّ اسكنهُ فسيحَ جنّاتك، واجعل منزلهُ أعلى المساجدِ وأزكى الحُقَبِ، ادهِشهُ من رحمتك كما أدهشَنا بسؤدهِ في الحياة. اللهمّ اكتبْهُ من الشهداءِ، واجمعهُ مع الأنبياءِ والصالحين، وامحُ عنهُ كلَّ همٍّ وحسرةٍ، واجعل لهُ عنّا شهادةً لا تفارقُ السماء.
          
          وبعدُ—إلى مَن سفكوا دمهُ—نقولُ بالدعاءِ الذي لا يخدشُ حدودَ الشرع ولا يحرضُ على الفتنة: اللهمّ اجعلِ الحسابَ عليهم شديدًا، واجعلْ ما عملوا وعادوا به سرفًا في دَركِ الخزي والندامة. اللهمّ اخزِهم في الدنيا ولا تُبقِ لهم عزًّا، واجعل أعمالهم حجابًا بينَهم وبين رحمتك، وافتِحْ لهم بابَ التوبة إن كانوا قادرين عليه، وإن عَصُروا على الضلال فاجعل عاقبتَهم عبرةً لمن اعتبر.
          
          نحنُ لا نرفعُ السلاحَ باسمِ الانتقام؛ نرفعُ الصوتَ باسمِ العدالةِ والإنسانيةِ. وما لنا إلا الدعاءُ والذكرُ والعملُ على أن تظلَّ ذكراهُ نبراسًا لا ينطفئ: أن تُستمرَّ الرسالةُ، أن يستمرَّ النطقُ، أن لا تذهب رحمةُ اللهِ عن قلبٍ سقيتهُ دماؤهُ شرفًا في سبيلِ الحقّ.
          
          صالحُ حيٌّ فينا—في كلِّ همسةٍ تحنُّ إلى الحرية، في كلِّ قنطرةٍ تُنقَلُ بها كلمةٌ تُستنصرُ بها الضمائر. والقهرُ والغضبُ في صدورنا شهادةٌ على حيائهِ؛ فلْتكن تلك الشعلةُ نبراسًا، ولتكن دعواتُنا سيفًا لا يَقطعُ لحمًا بل يقطعُ رياحَ الظلمِ ويُبددُ ظلالَ الخيانة.

insomnia2004

السلام عليكم ، حصلت لي ظروف فما رح اقدر اني أكمل تنزيل إلا بعد ما تخلص ذي الظروف ان شاء الله ، ان شاء الله ما رح اطول اكثر من أسبوعين ، ادعولي

salwanoor9

@insomnia2004  
            الله ييسر ويسهل عليك كل عسير 
Reply

Ail_ina26

مرحبا عزيزي القارئ،
          
          أهلاً بك في رواية "حين يسود الظلام"، حيث تنسج الحكايات خيوطها بين نور الشمس وظلال الليل. في هذه الرواية، ستعيش معنا لحظات من الأمل في مواجهة اليأس، وتكتشف أسرارًا تُخفيها الأرواح . أتمنى أن تجد بين سطورها مغامرات تأخذك بعيدًا، وتغمر قلبك بمشاعرٍ لا تُنسى.
          
          أستمتع بقراءتها، ومرحبا بك في عالمنا المليء بالغموض والجمال.
          
          مع أطيب التمنيات، [ آيلينا ]