كل ما قررت أن أفتح نافذةً افتراضية على العالم أجد نفسي متورطة في عالم هجين، صحيح إن الغرض الأساسي من هذه النوافذ هو التخفف، الكتابة، البحث عن مساحاتٍ جديدة، إلا أنه سرعان ما تتبدد تلك الحدود، ويبدأ هذا الفضاء الافتراضي ينفذ من بين شقوق جدار الوقع لين يتآكل هالجدار وابتلش.
لذلك أنا محتارة؛ كانت الغاية من نقل عفشي للواتباد أن يكون انسحابي من مواقع التواصل تدريجي قدر الإمكان تجنبًا للتمظهرات الإدمانية، هل أبقي على هذه الأطلال الصامتة أم أخليها من الوجود وأخسر وجودي الافتراضي بالكليّة؟
التفكير يطول وأنا متعبة.
وبلحظة تمرد وانفصال عن الواقع، أروح أمارس التلصص والتفريغ بمنطق مختلف، أتحرر فيه من هويتي وأجرّ مشاعر انقسامي بين حقيقتي وهذا العالم. وإيييه، أعرف كم يحمل هذا من إسقاطات نفسية متجذرة، بس ما يخالف. لأن أتهجى اسمي -من جديد- كلما فتحت لنفسي نافذةً على عالم لا أعرفه ولا يعرفني.
ثم إن كثرة تغيير النوافذ الافتراضية ما هي إلا محاولات ترجٍّ وتوسل للعثور على علاماتٍ وإجاباتٍ حائرة، محاولات مني للتلصص على حياتي أنا، تنقيب داخل عقلي أنا، حيلة هروب من واقع مزحوم مرة وشوي معقد. فإذا ما لوثت الأحاديث العميقة والشخصية هذه التجربة، وانكسرت عزلتي، قفلت أم النافذة.
تكمن مشكلتي الأزلية مع الطب في أنّ جزء كبير منه مهارة تحتاج إلى مراس وصحبة أستاذ؛ تراقب ثم تساعِد ثم تساعَد.. وددت لو أنّ الترقي في المستوى المهاري يلزمه صحبة كتاب أو اعتكاف على حل استشكال لا ما يتطلبه من تشمير الساعد وشجاعة التجربة وطرح السؤال والتقبّل؛ لنحظى بالحكمة أنّى كانت.
—نوران.