
kafkaesque_
في إحدى مراحل الهزيمة، لا يعود الإنسان منكسرًا فحسب، بل يفقد حتى (رغبته في التماسك). كأنّ التمسّك بالحياة صار عبئًا لا معنى له، وكأنّ محاولاته القديمة للصمود كانت لأجل شيء لم يَعُد يؤمن به. ليس الألم هو القاتل، بل الفراغ الذي يتركه خلفه… الفراغ الذي يجعل (كل محاولة للنهوض تبدو عبثًا) لا طائل منه. في تلك اللحظة، لا تسقط وحدك، بل يسقط معك إيمانك بالجدوى، ويصير النهوض فعلاً ميكانيكيًا لا يحمل روحًا. لكن الحقيقة أن حتى هذه اللحظة… لحظة الانطفاء الصامت، لحظة الإحساس بأنك لا تريد أن تتماسك، قد تكون بداية أخرى. ليست بداية القوة، بل (بداية الصدق). وحين يعود الإنسان للتماسك من باب الصدق، لا من باب الواجب، يولد المعنى من تحت الأنقاض، وتصبح النجاة نفسها شكلاً من أشكال الشجاعة. لأنك حينها لا تنهض لتُرضي أحدًا، بل لتُنقذ ما تبقّى منك. وأصدق ما في الحياة أن يحمي الإنسان نفسه من أن يظل ضحية لما مرّ به. فالحياة لا تكترث بطيبتك… لكن نجاتك تحت (معنى الوفاء لاسمك)، هي ما يُبقيك حيًّا بمعنى لا يخذلك. “الجرح هو المكان الذي يدخل منه النور.” — جلال الدين الرومي