khyalkhyal
للمطر منفعة يغفل عنها كثير حينما يعددون أفضاله، هذه المنفعة قادمة من الإعاقات التي يسببها المطر! إذ لا شيء كامل. لا خلاف أن المطر يعطل بعض جوانب الحياة، كما جرى قبل عامين. في ليلة عاصفة مطيرة، تدوي الرياح بها، تجمع طلبة السنة الأولى الذين تعارفوا قبل بضعة أسابيع داخل سكن الطلاب الجامعي، في قاعة كبيرة ودافئة، تضم حلقات يدرس بها الطلاب رفقة بعضهم، حلقة تدرس بجد، وأخرى تحدث جلبةً بالضحك الهستيري، وهناك من يندب حظه، وبعضهم يجلس منفردًا. ذلك التجمع الصغير لم يكن يعلم أن هذه الجلسة بداية صداقة لطيفة. لكم كان أستاذنا صعبًا! كنا نشكوه أكثر من شكوانا اختبار الغد، وكم كان الاختبار طويلًا مليئًا بالرموز والأعداد والكلمات التي ينبغي حفظها بالتسلسل! ماذا تحفظ وماذا تترك واختبارك غدًا يا صاح! أصبح كل واحد يبتكر طريقة غبية لنحفظ تلك المأساة، ونجحت الطريقة بالفعل! هنا ننتعش جميعًا وتشرق ضحكاتنا إذ أنهينا جزءًا، سرعان ما تحيطنا هالة رمادية لحساب الصفحات المتبقية. رحماك يارب! أغثنا كما أغثت الثرى يا ربنا! تفرقنا لنأكل ونحن جوعى، لا تطيب لك لقمة لتفكيرك بالصفحات التي لم تبلغها وما ينبغي عليك مراجعته. ما إن أنهى كل منا عشاءه حتى خرجنا، سمعنا النداءات أن الأرصاد الجوية تعطل الدوام ليوم غد! حينئذ لا تلتقط أذناك صوت الرعد! يعلو عليه صخب الاحتفال بالعطلة، وكأننا في عرس! لم تسعنا الفرحة حيث صرنا نركض في كل زاوية وقاعة، نصيح بمن يدرس أن غدًا قد عُطّل الدوام فيه. كم كان منظر الحلقات المنفضة التي تنقشع عنها الرمادية الكئيبة مبهجًا للقلب! دخلنا ونحن نضحك للقاعة التي كنا ندرس فيها، نجمع الكتب والأوراق مفتعلين الضوضاء. بقية الطلاب من المراحل المتقدمة واصلوا الدراسة، إلا أنهم لم ينزعجوا من الضوضاء التي افتعلناها، اللطيف أن ضحكاتنا السعيدة نقلت السعادة لهم، أخذوا يراقبون سعادتنا بإنزال الفرج علينا حتى خرجنا، نسير وكل منا يضع ساعده على كتف الآخر ونهتف ضاحكين في الممرات، نسقط أغراضنا ونعود إليها ونكمل الهتاف. للمطر منفعة يغفل عنها كثير عند تعداد أفضاله. مشاركة في مسابقة «أَحْيِ الذِّكْرَى» لفريق النقد @CriticsTeam