بحثتُ عنكِ كثيرًا
في زوايا الليل
في الساعات الهاربة
التي كانت تأتي بكِ.
وفتشُتُ عنكِ في انعكاس ظلي
قد قلتِها يومًا:
"أنا أنتَ في وجه المرايا"
والآن أين أنتِ؟!
أين أنا؟!
فملامح الإنسان الذي أحببتهِ
ضاعت هناك...حيثُ كنتِ!
أخبريني..
أي هويةٍ سأقتنيها
بعد هذا الخراب
ومن أي سوقٍ قد أشتريني!
أخبريني..
هل اشتهاكِ الغياب
ام أنكِ طوعًا رحلتِ؟!
صدقيني لقد بحثتُ كثيرًا
علكِ ترجعين
وبحثُ عني...
آهٍ لو تعلمين كم بحثت.!
بحثتُ عنكِ كثيرًا
في زوايا الليل
في الساعات الهاربة
التي كانت تأتي بكِ.
وفتشُتُ عنكِ في انعكاس ظلي
قد قلتِها يومًا:
"أنا أنتَ في وجه المرايا"
والآن أين أنتِ؟!
أين أنا؟!
فملامح الإنسان الذي أحببتهِ
ضاعت هناك...حيثُ كنتِ!
أخبريني..
أي هويةٍ سأقتنيها
بعد هذا الخراب
ومن أي سوقٍ قد أشتريني!
أخبريني..
هل اشتهاكِ الغياب
ام أنكِ طوعًا رحلتِ؟!
صدقيني لقد بحثتُ كثيرًا
علكِ ترجعين
وبحثُ عني...
آهٍ لو تعلمين كم بحثت.!
حدثيني عنكِ..
عن بغداد بعينيك،
وعن تلك المدن التي لا تظهر على الخرائط
لكنها تتجلّى كلما رفعتِ حاجبيك واتسع جفنيك..
أنا لا أسألك عن الجغرافيا،
بل عنكِ…عن تلك المدن الصغيرة التي تسكنكِ ولا يعرفها ابن بطوطة، ولا تذكرها كتب الجغرافيا.
حدثيني عن طريقة عيشكم…
هل تُقاس الحياة لديكم بخطى الزائرين إلى كربلاء،
أم بعدد الدموع التي انسكبت على أعتاب القباب، أم بوميض الشموع التي تحترق بصمت فوق مراقد الأئمة؟
هل تمشون على الرمل… أم على الذكريات ؟
هل توزع السماء ظلّها على أرواحكم في قيظ هذا الصيف … كما يُوزَّع الشاي في مجالسكم… ببطء… بوقار… بمرارةٍ تشبه النجاة.
هل تُحسب الذنوب لديكم بما لم يُقَل في الدعاء ؟
هل تُغفر حين يبتسم وجهكِ؟
هل تصنعن من الصبر خواتم؟
ومن الحنين مسابح لا تنقطع؟
حدثيني عن تلك العباءة السوداء…
كيف تخفي كل هذا الضوء في داخلك؟
كيف تخدعُ الشمسَ، فتجعلها تظن أن السطوع
في السماء، بينما هو في خطواتك؟
هل تمشين بثوبك الأسود كما تمشي زينب بين الحرائق… مائلةً كأنها تحمل التاريخ كله في عظامها؟
حدثيني ..
عن قُبلةٍ تُقال بسم الحسين
عن لمسةٍ تُشبه وضوءاً من نوع آخر.
عن صلاةٍ لا تُتلى فيها الفاتحة،
بل تفتتح بها روحي عليكِ،
وتعانقك كما تعانق كربلاء كل القادمين.
لستُ شيعياً ولكنني مشيعٌ بكِ
أصلي حين تتحدثين
و أقول صارخاً: يا فاطمة، دلّيني عليها.
دلّيني على هذه التي تمشي
وفي وجنتيها حديثُ سكينة،
وفي قدميها ألف منبر،
وفي صوتها طريقٌ للنجاة من كل طائفة… إلاكِ.
حدّثيني عن عشقكم...
هل يُهمس به بين الأزقة كما تُتلى المناجاة في جوف الليل؟
أم يُعلّق على الصدور كما تُعلّق صور الأئمة على الجدران المقدّسة؟
هل تغتسلون بالحنين قبل أن تحبّوا،
كما يتوضأ القلب قبل أن يدخل صلاة الهوى
هل الحب لديكم مسيرة مشي؟
تُمارَس بالألم، وتستدرك بالبكاء؟
هل ترتجفين حين يُقال اسمكِ…
كما ترتجف كربلاء حين يزورها غريب؟
أنا لا أفهم طقوسكم تماماً،
لكنني حين أنظر إليكِ،
أفهم أن عينيك هي المذهب الذي يجب على البشرية اعتناقه.
في مطلع شوقي لكِ ألف مدفع
وفي صدري مظاهراتٌ عارمة
شغبٌ يهز عروقي
وجيشٌ مذعور من صحوة الشعب الساخطة
شعب الأحشاء الذي ثأر على قيود القلب
وصاح
أنتِ السلطة .. أنتِ الثورة .. أنتِ الموت المؤجل والحياة الخالدة.
في شوقي لكِ
ألف فوهةٍ تبصق نيرانًا
وملايين من الطلقات تنهش لحم احلامي بنهم،
كل رصاصة تثور فيّ كلما مرت ذكراكِ،
كلما لمحت عيناي ظلال شعرك،
وكلما أغتسل الليل بعطر اصابعكِ.
يا ملكة التمرد يا حبيبتي
الآن وشوقي لكِ يقتلني
يموت الجسد مني إحتراقًا
ويحيا قلبي كشمعةٍ تذوب
ويصعد نورها مشمرًا نحو السماء
ويصرخ
هذه امرأتي يالله،
أنني أحيا بها
فمتى تكون حياتي، هل في مماتي؟!
إنني مشتاق يالله، ودوائي وصلٌ واحدٌ، فمتى يكون؟!
لا تسأليني كيف ومتى
فالشوق جيش لا يرحم
يَدُك ابواب العقل
ويرمي اعمدة الصبر بأشظية القنابل
حتى إذا سقط الجِسار
وانكسرت سيوف المنطق
وقف القلب في محكمة الوجود
وصاح
يا خطيئتي الجميلة
ها قد انتهت مملكتي الفاضلة،
خذيني الآن سبيًا كالعبيد إلى عروشكِ.
غدًا
حين تمشين في شوارع مدن لا أعرفها
وتحملين نخلة من ذهب
وترفلين في ثوب الفجر الحريري
اعلمي
أني أحترق في ميدانكِ الشاسع
فألف فوهة في صدري تناديكِ
وقلبي
يولد مرةً أخرى
كالطفل الذي يخرج من بطن الحريق
ويبكي؛
لا لأنها الصرخة الأولى له بعد الولادة
بل يبكي لأنهُ يعرف
أن الحب موتٌ مشتهى
وأن الشوق جحيمٌ معجل،
وأنكِ أنتِ يا أجمع أيات الله سببُ الخلاص،
فمتى تأتين لإنقاذي؟!