ox5__o

"إنها المرة الأولى التي أرى فيها رجلًا 
          	وأبتغي عناقه بدلًا من فصل رأسه".
          	

ox5__o

رُويِدَا مُحَمِد:
          
          "لا أريد كتابًا يخطّ قدري، ولا رصاصة تنهيه. خُذني بين سطورك، لون شفاهي باسمك، وازرعني وردةً في قلبك، فأنا لا أُتقن الموت إلا بين يديك."

ox5__o

          (ليل هادئ، مقهى صغير على أطراف المدينة، طاولة في زاوية بعيدة، كوبان من القهوة أمام شابين... أحدهما شارد، والآخر يراقبه بقلق.)
          
          أحمد: (يتأمل صديقه بنظرة حزينة) لسه مش قادر تنساها، صح؟
          
          كريم: (يبتسم بسخرية) أنساها؟ هو أنا قدرت أعيش من غيرها أصلاً عشان أنساها؟
          
          أحمد: (بتنهيدة) الدنيا مش بتقف على حد يا كريم...
          
          كريم: (يضحك بمرارة) يا ريت... بس هي وقفت، عند اللحظة اللي سابتني فيها. عارف؟ بحس إني عايش بس مش عايش، كل حاجة بعملها من غير روح، كل حاجة فقدت معناها... حتى صوتي وأنا بتكلم معاك دلوقتي مش حاسه فيه.
          
          أحمد: (يحاول يخفف عنه) كريم... مش هقولك انسَ، لأن النسيان مش بإيدينا، بس لازم تتقبل، لازم تفهم إن اللي راح مش بيرجع.
          
          كريم: (بصوت مهزوز) بس هي كانت كل حاجة... كانت الضحكة اللي بصحى عليها، كانت الأمان اللي بحس بيه وأنا بحكي، كانت الحياة اللي كنت عايشها، دلوقتي بقيت عايش جوة ذكرى، والذكرى دي بتقتلني كل يوم.
          
          أحمد: (بحزن) فاكر لما كنت تقولي إن وجودها كان بيعوضك عن أي وجع؟ دلوقتي لازم تلاقي حاجة تعوض غيابها، مش هتفضل عايش جوة الألم ده طول عمرك.
          
          كريم: (يهمس) بس ما حدش بيعوض حد، مفيش حاجة هتعوضني عنها، مفيش حد في الدنيا كلها هيفهمني زيها، مفيش حد هيحس بيا بالطريقة اللي كانت بتحس بيها.
          
          أحمد: (يمسك بيده بحنان) أنا هنا، مش هسيبك، مش هخليك لوحدك في الحرب دي. هتقع؟ هرفعك. هتبكي؟ هسمعك. هتحس إنك ضايع؟ هفضل معاك لحد ما تلاقي نفسك. بس أرجوك، حاول تساعد نفسك معايا، ما تغرقش أكتر من كده.
          
          كريم: (ينظر له بعينين ممتلئتين بالدموع) أنا بحاول، بس الوجع أكبر مني، الشوق بيكسرني كل ليلة، وأكتر حاجة بتقتلني... إني مش قادر حتى أكرهها عشان مشيت وسابتني، أنا لسه بحبها رغم كل حاجة.
          
          أحمد: (يبتسم بحزن) الحب الحقيقي بيعيش حتى لو وجعنا، بس يا صاحبي، الحياة مش بتقف، وأنت محتاج تعيش... حتى لو كان العيش من غيرها صعب، لازم تعيش.
          
          كريم: (بدموع تنساب على خده) بس أنا تعبت، تعبت أوي يا أحمد...
          
          أحمد: (يحضنه بقوة) عارف... وعلشان كده أنا هنا، ومش هسيبك تعدي ده لوحدك.
          
          (يصمت كريم للحظة، ثم ينفجر في البكاء، بينما يظل أحمد بجانبه، ممسكًا بيده، محاولًا أن يكون السند الذي يحتاجه وسط هذا الألم.)
          
          
          - رويدا محمد