تائهٌ أنـَا وما الطريقُ إلَّا عليَّ بِغريبُ، تاهت عني كُلُّ السُبل! أنـا من قلت مرةً بأنني عالمةٌ بِكل الطُرق، أصبحت غريب النفسِ والدارِ والدِّيار، وازداد حِملي ثقلًا فما عُدت قادرةً على حمله وتهاويت مِرارًا على طريق موحلٍ، تمنيتُ لو أنني كُنت على الدربِ لِـنَفسِي رفيق، تهتُ عن كُلِّ المحطات والمدن واصبحت في ارض جدباء قاحلة من الآمالِ والأحلام الماطِرة.
ماذا أكون؟ ومن أنا؟ لا لون لي ولا حياة تسري فيني، جثة تجري على نهرٍ راكد لا شيء فيه، لا حياة ولا لون ولا نبض يُسمع، يضمحل فأغرق في بركةٍ لا فرار منها، هذا الشيء الصغير يحوطني من كل مكان، أغلق عليَّ الإتجاهات وقيدت في اللامكان أسرِي ويسرِي الزمان، أغدو محلقةً فلا أجنحة لديَّ لأرتقي في سلالمي وها أنا ذا أهوي للحفرة بعد ان انجرفت من على جرفٍ سحيق، سحقَ ما كنت أملكه يومًا من لونٍ وفِكر، فأنا فارغةُ الصميم.