ا أكتب لأكون كاتبة، ولا أبحث عن شهرةٍ تُذكَر، ولا أرجو أن تتراكم حول اسمي القراءات أو القلوب الصغيرة الصفراء. أكتب لأن في داخلي صوتًا لا يصمت، لأن الكلمات تخرج من أعماقي كأنها صلاةٌ لا تُتلى في المساجد بل في الورق.
الكتابة عندي ليست حرفة، بل نجاة. أهرب بها من ضجيج العالم، من وجوهٍ لا تشبهني، ومن صمتٍ يضجّ في صدري منذ زمنٍ بعيد. أكتب لأجدني، لأفهم تلك الفوضى التي تسكنني، ولأمنح قلبي فرصة أن يتكلّم حين تعجز الشفاه.
ستجد في قصصي ملامح كثيرة منّي، وإن لم أُسمِّها. فيها التاريخ بكلّ ما يحمله من مجدٍ ودمٍ ودهشة، وفيها الرومانسية التي لا تكتفي بالعاطفة، بل تبحث عن معنى الطهر في المحبّة. فيها الأكشن والصراع والحياة بكلّ ما فيها من جراحٍ وانبعاث. لكن فوق هذا كلّه، هناك روحٌ دينية خفيّة، لا أفرضها على أحد، بل أجعلها تتسلّل كالنور من بين الشقوق. هي تلك اللمسة التي تجعل البطل ينهض بعد سقوط، والبطلة تبكي سجدةً قبل أن تبتسم للنور.
لا أنتمي إلى نوعٍ واحد من الكتابة، ولا أؤمن بأن الحكايات تُصنع على مقاس القوالب. كلّ قصةٍ عندي هي محاولة لفهم شيءٍ من هذا العالم، أو شيءٍ من نفسي. أكتب عن الضعف لأفهم القوة، وعن الخيانة لأدرك معنى الوفاء، وعن الموت لأتعلّم الحياة. أكتب عن الذين تاهوا فوجدوا الله في آخر الطريق، وعن الذين ظنّوا أن القلوب لا تشفى ثم اكتشفوا أن الرحمة كانت تنتظرهم عند أول آية.
بين سطوري تسكن ممالك قديمة، وقلوب تنبض في زمنٍ غير الزمن، وأرواحٌ تحاول أن تتطهّر من أوجاعها لتقترب من الحقيقة. قد ترى في حروفي ظلالًا من الماضي، أو بريقًا من الأمل، أو رائحة طريقٍ لم يُكمل بعد. لكنّك، مهما اختلفت زوايا الرؤية، ستشعر بأن هناك شيئًا يتنفّس بين الكلمات، شيئًا يشبه الدعاء، أو يشبه الغفران.
أنا لا أعد القارئ بنهايات سعيدة، بل أعده برحلةٍ تشبه الحياة: مؤلمة أحيانًا، هادئة أحيانًا أخرى، لكنها دائمًا صادقة. أكتب كما أشعر، وأترك للقارئ حرّية أن يرى ما يشاء.
وإن سألتني من أكون، فلن أجيبك باسمٍ أو وصفٍ، لأن الكاتبة الحقيقية لا تُعرّف بنفسها، بل تترك حروفها تفعل ذلك. كلّ ما أستطيع قوله إنني ما زلت أتعلم كيف أُصغي إلى الصمت حين يتحوّل إلى معنى،
هذا مكاني، وهؤلاء أبطالي، وتلك قصصي التي تُشبهني حين أكون غريبة، وحين أكون قريبة من الله أكثر من أي وقتٍ مضى.
- JoinedOctober 10, 2025
Sign up to join the largest storytelling community
or
Story by فطيمة الزهراء
- 1 Published Story
بَيْنَ السُّجُودِ وَالْغِيَابِ...
32
16
3
السلام على القلوب التي مرّت بالوجع وما زالت تؤمن أن الله لا يخذل أصحابها.
هي فتاةٌ حملت في قلبها وجعًا لم تبح...
2 Reading Lists
- Reading List
- 4 Stories
- Reading List
- 4 Stories